باب بيان خصال من اتصف بهن وجد حلاوة الايمان
 
( باب بيان خصال من اتصف بهن وجد حلاوة الايمان [ 43 ] قوله صلى الله عليه و سلم ( ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الايمان من كان الله ورسوله احب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لايحبه الا لله وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار ) وفي رواية من أن يرجع يهوديا أو نصرانيا هذا حديث عظيم أصل من أصول الاسلام قال العلماء رحمهم الله معنى حلاوة الايمان استلذاذ الطاعات وتحمل المشقات في رضى الله عز و جل ورسوله صلى الله عليه و سلم وايثار ذلك على عرض الدنيا ومحبة العبد ربه سبحانه وتعالى بفعل طاعته وترك مخالفته وكذلك محبة رسول الله صلى الله عليه و سلم قال القاضي رحمه الله هذا الحديث بمعنى الحديث المتقدم ذاق طعم الايمان من رضى بالله )
(2/13)

ربا وبالاسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه و سلم رسولا وذلك أنه لا يصح المحبة لله ورسوله صلى الله عليه و سلم حقيقة وحب الآدمى في الله ورسوله صلى الله عليه و سلم وكراهة الرجوع إلى الكفر الا لمن قوى بالايمان يقينه واطمأنت به نفسه وانشرح له صدره وخالط لحمه ودمه وهذا هو الذى وجد حلاوته قال والحب في الله من ثمرات حب الله قال بعضهم المحبة مواطأة القلب على ما يرضى الرب سبحانه فيحب ما أحب ويكره ما كره واختلفت عبارات المتكلمين في هذا الباب بما لا يؤول إلى اختلاف الا فى اللفظ وبالجملة أصل المحبة الميل إلى ما يوافق المحب ثم الميل قد يكون لما يستلذه الانسان ويستحسنه كحسن الصورة والصوت والطعام ونحوها وقد يستلذه بعقله للمعانى الباطنة كمحبة الصالحين والعلماء وأهل الفضل مطلقا وقد يكون لاحسانه إليه ودفعه المضار والمكاره عنه وهذه المعانى كلها موجودة في النبى صلى الله عليه و سلم لما جمع من جمال الظاهر والباطن وكمال خلال الجلال وأنواع الفضائل واحسانه إلى جميع المسلمين بهدايته اياهم إلى الصراط المستقيم ودوام النعم والابعاد من الجحيم وقد أشار بعضهم إلى ان هذا متصور في حق الله تعالى فان الخير كله منه سبحانه وتعالى قال مالك وغيره المحبة فى الله من واجبات الاسلام هذا كلام القاضي رحمه الله وأما قوله صلى الله عليه و سلم يعود أو يرجع فمعناه يصير وقد جاء العود والرجوع بمعنى الصيرورة وأما أبوقلابة المذكور في الاسناد
(2/14)

فهو بكسر القاف وتخفيف اللام وبالباء الموحدة واسمه عبد الله بن زيد وأما قول مسلم حدثنا بن مثنى وبن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة قال سمعت قتادة يحدث عن أنس رضى الله عنه فهذا اسناد كله بصريون وقد قدمنا أن شعبة واسطى بصرى والله تعالى أعلم بالصواب