باب بيان أنه لا يدخل الجنة الا المؤمنون
 
( باب بيان أنه لا يدخل الجنة الا المؤمنون ( وأن محبة المؤمنين من الايمان وأن افشاء السلام سبب لحصولها ) [ 54 ] قوله صلى الله عليه و سلم ( لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم )
(2/35)

على شيء اذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم وفى الرواية الاخرى والذى نفسى بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ) هكذا هو فى جميع الاصول والروايات ولا تؤمنوا بحذف النون من آخره وهى لغة معروفة صحيحة وأما معنى الحديث فقوله صلى الله عليه و سلم ولا تؤمنوا حتى تحابوا معناه لا يكمل ايمانكم ولا يصلح حالكم فى الايمان الا بالتحاب وأما قوله صلى الله عليه و سلم لاتدخلون الجنة حتى تؤمنوا فهو على ظاهره واطلاقه فلا يدخل الجنة الا من مات مؤمنا وان لم يكن كامل الايمان فهذا هو الظاهر من الحديث وقال الشيخ أبو عمرو رحمه الله معنى الحديث لا يكمل ايمانكم الا بالتحاب ولا تدخلون الجنة عند دخول أهلها اذا لم تكونوا كذلك وهذا الذى قاله محتمل والله أعلم وأما قوله أفشوا السلام بينكم فهو بقط الهمزة المفتوحة وفيه الحث العظيم على افشاء السلام وبذله للمسلمين كلهم من عرفت ومن لم تعرف كما تقدم فى الحديث الآخر والسلام أول أسباب التألف ومفتاح استجلاب المودة وفى افشائه تمكن ألفة المسلمين بعضهم لبعض واظهار شعارهم المميز لهم من غيرهم من أهل الملل مع ما فيه من رياضة النفس ولزوم التواضع واعظام حرمات المسلمين وقد ذكر البخارى رحمه الله فى صحيحه عن عمار بن ياسر رضى الله عنه أنه قال ثلاث من جمعهن فقد جمع الايمان الانصاف من نفسك وبذل السلام للعالم والانفاق من الاقتار وروى غير البخارى هذا الكلام مرفوعا إلى النبى صلى الله عليه و سلم وبذل السلام للعالم والسلام على من عرفت ومن لم تعرف وافشاء السلام كلها بمعنى واحد وفيها لطيفة أخرى وهى أنها تتضمن رفع التقاطع والتهاجر والشحناء وفساد ذات البين التى هي الحالقة وأن سلامه لله لا يتبع فيه هواه ولا يخص أصحابه وأحبابه به والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب
(2/36)