باب اطلاق اسم الكفر على الطعن فى النسب والنياحة
 
( باب اطلاق اسم الكفر على الطعن فى النسب والنياحة [ 67 ] قوله صلى الله عليه و سلم ( اثنتان فى الناس هما بهم كفر الطعن فى النسب والنياحة على الميت ) وفيه أقوال أصحها أن معناه هما من أعمال الكفار وأخلاق الجاهلية والثانى أنه يؤدى إلى الكفر والثالث أنه كفر النعمة والاحسان والرابع أن ذلك فى المستحل وفى هذا الحديث تغليظ تحريم الطعن فى النسب والنياحة وقد جاء فى كل واحد منهما نصوص معروفة والله أعلم )
باب تسمية العبد الآبق كافرا [ 68 ] قوله صلى الله عليه و سلم ( أيما عبد أبق من مواليه فقد كفر حتى يرجع اليهم ) وفى الرواية
(2/57)

الاخرى فقد برئت منه الذمة وفى الاخرى اذا ابق العبد لم تقبل له صلاة أما تسميته كافرا ففيه الاوجه التى فى الباب قبله وأما [ 69 ] قوله صلى الله عليه و سلم ( فقد برئت منه الذمة ) فمعناه لا ذمة له قال الشيخ أبو عمرو رحمه الله الذمة هنا يجوز أن تكون هي الذمة المفسرة بالذمام وهى الحرمة ويجوز أن يكون من قبيل ما جاء فى قوله له ذمة الله تعالى وذمة رسول الله صلى الله عليه و سلم أى ضمانه وأمانته ورعايته ومن ذلك أن الآبق كان مصونا عن عقوبة السيد له وحبسه فزال ذلك باباقه والله اعلم [ 70 ] وأما قوله صلى الله عليه و سلم ( اذا أبق العبد لم تقبل له صلاة ) فقد أوله الامام المازرى وتابعه القاضي عياض رحمهما الله على أن ذلك محمول على المستحل للاباق فيكفر ولا تقبل له صلاة لا غيرها ونبه بالصلاة على غيرها وأنكر الشيخ أبوعمرو هذا وقال بل ذلك جار فى غير المستحل ولا يلزم من عدم القبول عدم الصحة فصلاة الآبق صحيحة غير مقبولة فعدم قبولها لهذا الحديث وذلك لاقترانها بمعصية وأما صحتها فلوجود شروطها وأركانها المستلزمة صحتها ولا تناقض فى ذلك ويظهر أثر عدم القبول فى سقوط الثواب وأثر الصحة فى سقوط القضاء وفى أنه لا يعاقب عقوبة تارك الصلاة هذا آخر كلام الشيخ أبى عمرو رحمه الله وهو ظاهر لاشك فى حسنه وقد قال جماهير أصحابنا ان الصلاة في الدار المغصوبة صحيحة لا ثواب فيها ورأيت فى فتاوى أبى نصر بن الصباغ من أصحابنا التى نقلها عنه بن أخيه القاضي أبومنصور قال المحفوظ من كلام أصحابنا بالعراق أن الصلاة فى الدار المغصوبة صحيحة يسقط بها الفرض ولا ثواب فيها قال أبو منصور ورأيت أصحابنا بخراسان اختلفوا فمنهم من قال لا تصح الصلاة قال وذكر شيخنا فى الكامل أنه ينبغى أن تصح ويحصل الثواب على الفعل فيكون مثابا على فعله عاصيا بالمقام فى المغصوب فاذا لم نمنع
(2/58)

من صحتها لم نمنع من حصول الثواب قال ابو منصور وهذا هو القياس على طريق من صححها والله اعلم ويقال أبق العبد وابق بفتح الباء وكسرها لغتان مشهورتان الفتح أفصح وبه جاء القرآن إذ أبق إلى الفلك المشحون وأما قوله عن منصور بن عبد الرحمن عن الشعبى عن جرير أنه سمعه يقول أيما عبد أبق من مواليه فقد كفر حتى يرجع اليهم قال منصور قد والله روى عن النبى صلى الله عليه و سلم ولكنى أكره أن يروى عنى ها هنا بالبصرة فمعناه أن منصورا روى هذا الحديث عن الشعبى عن جرير موقوفا عليه ثم قال منصور بعد روايته اياه موقوفا والله انه مرفوع إلى النبى صلى الله عليه و سلم فاعلموه أيها الخواص الحاضرون فانى اكره أن اصرح برفعه فى لفظ روايتى فيشيع عنى فى البصرة التى هي مملؤة من المعتزلة والخوارج الذين يقولون بتخليد أهل المعاصى فى النار والخوارج يزيدون على التخليد فيحكمون بكفره ولهم شبهة فى التعلق بظاهر هذا الحديث وقد قدمنا تأويله وبطلان مذاهبهم بالدلائل القاطعة الواضحة التى ذكرناها فى مواضع من هذا الكتاب والله أعلم واما منصور بن عبد الرحمن هذا فهو الأشل الغدانى البصرى وثقه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين ووضعفه أبو حاتم الرازى وفى الرواة خمسة يقال لكل واحد منهم منصور بن عبد الرحمن هذا أحدهم والله اعلم