باب بيان غلظ تحريم النميمة
 
( باب بيان غلظ تحريم النميمة [ 105 ] فى رواية لا يدخل الجنة نمام وفى أخرى قتات وهو مثل الاول فالقتات هو النمام وهو بفتح القاف وتشديد التاء المثناة من فوق قال الجوهرى وغيره يقال نم الحديث ينمه وينمه بكسر النون وضمها نما والرجل نمام ونم وقته يقته بضم القاف قتا قال العلماء النميمة نقل كلام الناس بعضهم إلى بعض على جهة الافساد بينهم قال الامام أبو حامد الغزالى رحمه الله فى الاحياء اعلم أن النميمة انما تطلق فى الاكثر على من ينم قول الغير إلى المقول فيه كما تقول فلان يتكلم فيك بكذا قال وليست النميمة مخصوصة بهذا بل حد النميمة كشف ما يكره كشفه سواء كرهه المنقول )
(2/112)

عنه أو المنقول إليه أو ثالث وسواء كان الكشف بالنكاية أو بالرمز أو بالايماء فحقيقة النميمة افشاء السر وهتك الستر عما يكره كشفه فلو رآه يخفى مالا لنفسه فذكره فهو نميمة قال وكل من حملت إليه نميمة وقيل له فلان يقول فيك أو يفعل فيك كذا فعليه ستة أمور الأول أن لا يصدقه لأن النمام فاسق الثانى أن ينهاه عن ذلك وينصحه ويقبح له فعله الثالث أن يبغضه فى الله تعالى فانه بغيض عند الله تعالى ويجب بغض من أبغضه الله تعالى الرابع أن لا يظن بأخيه الغائب السوء الخامس أن لا يحمله ما حكى له على التجسس والبحث عن ذلك السادس أن لا يرضى لنفسه ما نهى النمام عنه فلا يحكى نميمته عنه فيقول فلان حكى كذا فيصير به نماما ويكون آتيا ما نهى عنه هذا آخر كلام الغزالى رحمه الله وكل هذا المذكور فى النميمة اذا لم يكن فيها مصلحة شرعية فان دعت حاجة اليها فلا منع منها وذلك كما اذا أخبره بأن انسانا يريد الفتك به أو بأهله أو بماله أو أخبر الامام أومن له ولاية بأن انسانا يفعل كذا ويسعى بما فيه مفسدة ويجب على صاحب الولاية الكشف عن ذلك وازالته فكل هذا وما أشبهه ليس بحرام وقد يكون بعضه واجبا وبعضه مستحبا على حسب المواطن والله أعلم وفى الاسناد فروخ وهو غير مصروف تقدم مرات وفيه الضبعى بضم الضاد المعجمة وفتح الوحدة وقوله فى الاسناد الاخير ( حدثنا أبو بكر بن أبى شيبة إلى آخره ) كلهم كوفيون الا حذيفة بن اليمان فانه استوطن المداين وأما قوله صلى الله عليه و سلم ( لايدخل الجنة نمام ) ففيه التأويلان المتقدمان فى نظائره أحدهما يحمل على المستحل بغير تأويل مع العلم بالتحريم والثانى لا يدخلها دخول الفائزين والله أعلم
(2/113)