باب كون الاسلام يهدم ما قبله وكذا الحج والهجرة
 
( باب كون الاسلام يهدم ما قبله وكذا الحج والهجرة [ 121 ] فيه حديث عمرو بن العاصى رضى الله عنه وقصة وفاته وفيه حديث بن عباس رضى الله عنهما )
(2/136)

فى سبب نزول قول الله تعالى والذين لا يدعون مع الله الها آخر وقوله تعالى يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم فأما حديث عمرو فنتكلم فى اسناده ومتنه ثم نعود إلى حديث بن عباس رضى الله عنهما أما اسناده ففيه محمد بن مثنى العنزى بفتح العين والنون وأبو معن الرقاشى بفتح الراء وتخفيف القاف اسمه زيد بن يزيد وأبو عاصم هو النبيل واسمه الضحاك بن مخلد وبن شماسة المهرى وشماسة بالشين المعجمة فى أوله بفتحها وضمها ذكرهما صاحب المطالع والميم مخففة وآخره سين مهملة ثم هاء واسمه عبد الرحمن بن شماسة بن ذئب أبو عمرو وقيل أبو عبد الله والمهرى بفتح الميم واسكان الهاء وبالراء وأما ألفاظ متنه فقوله ( فى سياقة الموت ) هو بكسر السين أى حال حضور الموت وقوله ( أفضل ما نعد ) هو بضم النون وقوله ( كنت على أطباق ثلاث ) أى على أحوال قال الله تعالى لتركبن طبقا عن طبق فلهذا أنث ثلاثا ارادة لمعنى أطباق قوله صلى الله عليه و سلم
(2/137)

( تشترط بماذا ) هكذا ضبطناه بما باثبات الباء فيجوز أن تكون زائدة للتوكيد كما فى نظائرها ويجوز أن تكون دخلت على معنى تشترط وهو تحتاط أى تحتاط بماذا وقوله صلى الله عليه و سلم ( الاسلام يهدم ما كان قبله ) أى يسقطه ويمحو أثره قوله ( وما كنت أطيق أن أملأ عينى ) هو بتشديد الياء من عينى على التثنية قوله ( فاذا دفنتمونى فسنوا على التراب سنا ) ضبطناه بالسين المهملة وبالمعجمة وكذا قال القاضي انه بالمعجمة والمهملة قال وهو الصب وقيل بالمهملة الصب فى سهولة وبالمعجمة التفريق وقوله ( قدر ما ينحر جزور ) هي بفتح الجيم وهى من الابل أما أحكامه ففيه عظم موقع الاسلام والهجرة والحج وأن كل واحد منها يهدم ما كان قبله من المعاصى وفيه استحباب تنبيه المحتضر على احسان ظنه بالله سبحانه وتعالى وذكر آيات الرجاء وأحاديث العفو عنده وتبشيره بما أعده الله تعالى للمسلمين وذكر حسن أعماله عنده ليحسن ظنه بالله تعالى ويموت عليه وهذا الأدب مستحب بالاتفاق وموضع الدلالة له من هذا الحديث قول بن عمرو لأبيه أما بشرك رسول الله صلى الله عليه و سلم بكذا وفيه ما كانت الصحابة رضى الله عنهم عليه من توقير رسول الله صلى الله عليه و سلم واجلاله وفى قوله فلا تصحبنى نائحة ولا نار امتثال لنهى النبى صلى الله عليه و سلم عن ذلك وقد كره العلماء ذلك فأما النياحة فحرام وأما اتباع الميت بالنار فمكروه للحديث ثم قيل سبب الكراهة كونه
(2/138)

من شعار الجاهلية وقال بن حبيب المالكى كره تفاؤلا بالنار وفى قوله فشنوا على التراب استحباب صب التراب فى القبر وأنه لا يقعد على القبر بخلاف ما يعمل فى بعض البلاد وقوله ثم أقيموا حول قبرى قدر ما ينحر جزور ويقسم لحمها حتى أستأنس بكم وأنظر ماذا أراجع به رسل ربى فيه فوائد منها اثبات فتنة القبر وسؤال الملكين وهو مذهب أهل الحق ومنها استحباب المكث عند القبر بعد الدفن لحظة نحو ما ذكر لما ذكر وفيه أن الميت يسمع حينئذ من حول القبر وقد يستدل به لجواز قسمة اللحم المشترك ونحوه من الأشياء الرطبة كالعنب وفى هذا خلاف لأصحابنا معروف قالوا ان قلنا بأحد القولين أن القسمة تمييز حق ليست ببيع جاز وان قلنا بيع فوجهان أصحهما لا يجوز للجهل بتماثله فى حال الكمال فيؤدى إلى الربا والثانى يجوز لتساويهما فى الحال فاذا قلنا لا يجوز فطريقها أن يجعل اللحم وشبهه قسمين ثم يبيع أحدهما صاحبه نصيبه من أحد القسمين بدرهم مثلا ثم يبيع الآخر نصيبه من القسم الآخر لصاحبه بذلك الدرهم الذى له عليه فيحصل لكل واحد منهما قسم بكماله ولها طرق غير هذا لا حاجة إلى الاطالة بها هنا والله أعلم [ 122 ] وأما حديث بن عباس رضى الله عنهما فمراد مسلم رحمه الله منه أن القرآن العزيز جاء بما جاءت به السنة من كون الاسلام يهدم ما قبله وقوله فيه ( ولو تخبرنا بأن لما عملنا كفارة فنزل والذين لا يدعون مع الله الها آخر الآية ) فيه محذوف وهو جواب لو أى لو تخبرنا
(2/139)

لأسلمنا وحذفها كثير فى القرآن العزيز وكلام العرب كقوله تعالى ولو ترى اذ الظالمون وأشباهه وأما قوله تعالى يلق أثاما فقيل معناه عقوبة وقيل هو واد في جهنم وقيل بئر فيها وقيل جزاء اثمه