باب صدق الايمان واخلاصه
 
( باب صدق الايمان واخلاصه [ 124 ] فيه قول عبد الله بن مسعود رضى الله عنه ( لما نزلت الذين آمنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم وقالوا أينا لا يظلم نفسه فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ليس هو كما تظنون انما هو كما قال لقمان لابنه يا بنى لا تشرك بالله ان الشرك لظلم عظيم ) هكذا وقع الحديث هنا فى صحيح مسلم ووقع فى صحيح البخارى لما نزلت الآية قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم أينا لم يظلم نفسه فأنزل الله تعالى ان الشرك لظلم عظيم فهاتان الروايتان احداهما تبين الاخرى فيكون لما شق عليهم أنزل الله تعالى ان الشرك لظلم عظيم وأعلم النبى صلى الله عليه و سلم أن الظلم المطلق هناك المراد به هذا المقيد وهو الشرك فقال لهم النبى صلى الله عليه و سلم بعد ذلك ليس الظلم على اطلاقه وعمومه كما ظننتم انما هو الشرك كما قال لقمان لابنه فالصحابة رضى الله عنهم حملوا الظلم على عمومه والمتبادر إلى الافهام منه وهو وضع الشيء فى غير موضعه وهو مخالفة الشرع فشق عليهم إلى أن أعلمهم النبى صلى الله عليه و سلم بالمراد بهذا الظلم قال الخطابى انما شق عليهم لان ظاهر الظلم الافتيات بحقوق الناس وما ظلموا به أنفسهم من ارتكاب المعاصى فظنوا أن المراد معناه الظاهر وأصل الظلم وضع الشيء فى غير موضعه ومن جعل العبادة لغير الله تعالى فهو أظلم الظالمين وفى هذا الحديث جمل من العلم منها أن المعاصى لا تكون كفرا والله أعلم وأما ما يتعلق بالاسناد فقول مسلم رحمه الله ( حدثنا أبو بكر بن أبى شيبة حدثنا عبد الله بن ادريس وأبو معاوية ووكيع عن الاعمش عن ابراهيم عن علقمة عن عبد الله )
(2/143)

هذا اسناد رجاله كوفيون كلهم وحفاظ متقنون فى نهاية الجلالة وفيهم ثلاثة أئمة جلة فقهاء تابعيون بعضهم عن بعض سليمان الاعمش وابراهيم النخعى وعلقمة بن قيس وقل اجتماع مثل هذا الذى اجتمع فى هذا الاسناد والله اعلم وفيه على بن خشرم بفتح الخاء واسكان الشين المعجمتين وفتح الراء وقد تقدم بيانه فى المقدمة وفيه منجاب بكسر الميم واسكان النون وبالجيم وآخره باء موحدة وفيه ( قال بن ادريس حدثنيه اولا أبى عن أبان بن تغلب عن الأعمش ثم سمعته منه ) هذا تنبيه منه على علو اسناده هنا فانه نقص عنه رجلان وسمعه من الاعمش وقد تقدم مثل هذا فى باب الدين النصيحة وتقدم الخلاف فى صرف ابان فى مقدمة الكتاب وأن المختار عند المحققين صرفه وتغلب بكسر اللام غير مصروف وفيه لقمان الحكيم واختلف العلماء فى نبوته قال الامام أبو إسحاق الثعلبى اتفق العلماء على أنه كان حكيما ولم يكن نبيا الا عكرمة فانه قال كان نبيا وتفرد بهذا القول وأما بن لقمان الذى قال له لا تشرك بالله فقيل اسمه أنعم ويقال مشكم والله اعلم