باب استحقاق الوالى الغاش لرعيته النار
 
( باب استحقاق الوالى الغاش لرعيته النار [ 142 ] فيه قوله صلى الله عليه و سلم ( ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته )
(2/165)

الا حرم الله عليه الجنة ) وفى الرواية الاخرى ( ما من أمير يلى أمر المسلمين ثم لا يجهد لهم وينصح الا لم يدخل معهم الجنة ) أما فقه الحديث فقوله صلى الله عليه و سلم حرم الله عليه الجنة فيه التأويلان المتقدمان فى نظائره أحدهما أنه محمول على المستحل والثانى حرم عليه دخولها مع الفائزين السابقين ومعنى التحريم هنا المنع قال القاضي عياض رحمه الله معناه بين فى التحذير من غش المسلمين لمن قلده الله تعالى شيئا من أمرهم واسترعاه عليهم ونصبه لمصلحتهم فى دينهم أو دنياهم فاذا خان فيما اؤتمن عليه فلم ينصح فيما قلده اما بتضييعه تعريفهم ما يلزمهم من دينهم وأخذهم به واما بالقيام بما يتعين عليه من حفظ شرائعهم والذب عنها لكل متصد لا دخال داخلة فيها أو تحريف لمعانيها أو اهمال حدودهم أو تضييع حقوقهم أو ترك حماية حوزتهم ومجاهدة عدوهم أو ترك سيرة العدل فيهم فقد غشهم قال القاضي وقد نبه صلى الله عليه و سلم على أن ذلك من الكبائر الموبقة المبعدة عن الجنة والله أعلم وأما قول معقل رضى الله عنه لعبيد الله بن زياد ( لو علمت أن لى حياة ما حدثتك ) وفى الرواية الاخرى ( لولا أنى فى الموت لم أحدثك فقال
(2/166)

القاضي عياض رحمه الله انما فعل هذا لأنه علم قبل هذا انه ممن لا ينفعه الوعظ كما ظهر منه مع غيره ثم خاف معقل من كتمان الحديث ورأى تبليغه أو فعله لأنه خافه لو ذكره فى حياته لما يهيج عليه هذا الحديث ويثبته فى قلوب الناس من سوء حاله هذا كلام القاضي والاحتمال الثانى هو الظاهر والأول ضعيف فان الامر بالمعروف والنهى عن المنكر لا يسقط باحتمال عدم قبوله والله اعلم وأما ألفاظ الباب ففيه شيبان عن أبى الاشهب عن الحسن عن معقل بن يسار رضى الله عنه وهذا الاسناد كله بصريون وفروخ غير مصروف لكونه عجميا تقدم مرات وأبو الاشهب اسمه جعفر بن حيان بالمثناة العطاردى السعدى البصرى وفيه عبيد الله بن زياد هو زياد بن ابيه الذى يقال له زياد بن أبى سفيان وفيه أبو غسان المسمعى وقد تقدم بيانه فى المقدمة وأن غسان يصرف ولا يصرف والمسمعى بكسر الميم الأولى وفتح الثانية منسوب إلى مسمع بن ربيعة واسم أبى غسان مالك بن عبد الواحد وفيه أبو المليح بفتح الميم واسمه عامر وقيل زيد بن أسامة الهذلى البصرى والله اعلم