باب جواز الاستسرار بالايمان للخائف
 
باب جواز الاستسرار بالايمان للخائف [ 149 ] قال مسلم رحمه الله ( حدثنا أبو بكر بن أبى شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير وأبو كريب واللفظ لابى كريب قالوا حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق عن حذيفة قال كنا مع رسول الله
(2/178)

صلى الله عليه و سلم
( فقال أحصوا لى كم يلفظ الاسلام فقلنا يا رسول الله أتخاف علينا ونحن ما بين الستمائة إلى السبعمائة قال انكم لا تدرون لعلكم أن تبتلوا قال فابتلينا حتى جعل الرجل منا لا يصلى الا سرا ) هذا الاسناد كله كوفيون وأما متنه فقوله صلى الله عليه و سلم ( أحصوا ) معناه عدوا وقد جاء فى رواية البخارى اكتبوا وقوله صلى الله عليه و سلم ( كم يلفظ الاسلام ) هو بفتح الياء المثناة من تحت والاسلام منصوب مفعول يلفظ باسقاط حرف الجر أى يلفظ بالاسلام ومعناه كم عدد من يتلفظ بكلمة الاسلام وكم هنا استفهامية ومفسرها محذوف وتقديره كم شخصا يلفظ بالاسلام وفى بعض الاصول تلفظ بتاء مثناة من فوق وفتح اللام والفاء المشددة وفى بعض الروايات للبخارى وغيره اكتبوا من يلفظ بالاسلام فكتبنا وفى رواية النسائى وغيره أحصوا لى من كان يلفظ بالاسلام وفى رواية أبى يعلى الموصلى أحصوا كل من تلفظ بالاسلام وأما قوله ونحن ما بين الستمائة إلى السبعمائة فكذا وقع فى مسلم وهو مشكل من جهة العربية وله وجه وهو ان يكون مائة فى الموضعين منصوبا على التمييز على قول بعض أهل العربية وقيل أن مائة فى الموضعين مجرورة على أن تكون الألف واللام زائدتين فلا اعتداد بدخولهما ووقع فى رواية غير مسلم ستمائة إلى سبعمائة وهذا ظاهر لا اشكال فيه من جهة العربية ووقع فى رواية البخارى فكتبنا له ألفا وخمسمائة فقلنا تخاف ونحن ألف وخمسمائة وفى رواية للبخارى أيضا فوجدناهم خمسمائة وقد يقال وجه الجمع بين هذه الالفاظ أن يكون قولهم ألف وخمسمائة المراد به النساء والصبيان والرجال ويكون قولهم ستمائة إلى سبعمائة الرجال خاصة ويكون خمسمائة المراد به المقاتلون ولكن هذا الجواب باطل برواية البخارى فى أواخر كتاب السير فى باب كتابة الامام الناس قال فيها فكتبنا له ألفا وخمسمائة رجل والجواب الصحيح ان شاء الله تعالى أن يقال لعلهم أرادوا بقولهم ما بين الستمائة إلى السبعمائة رجال المدينة خاصة وبقولهم فكتبنا له ألفا وخمسمائة هم مع المسلمين حولهم وأما قوله ابتلينا فجعل الرجل لا يصلى الا سرا فلعله كان فى بعض الفتن التى جرت )
(2/179)

بعد النبى صلى الله عليه و سلم فكان بعضهم يخفى نفسه ويصلى سرا مخافة من الظهور والمشاركة فى الدخول فى الفتنة والحروب والله أعلم