( باب النهي عن الاغتسال في الماء الراكد )
 
فيه ( أبو السائب أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يغتسل أحدكم في
(3/188)

الماء الدائم وهو جنب فقال كيف يفعل يا أبا هريرة قال يتناوله تناولا ) أما أبو السائب فلا يعرف اسمه وأما أحكام المسألة فقال العماء من أصحابنا وغيرهم يكره الاغتسال في الماء الراكد قليلا كان أو كثيرا وكذا يكره الاغتسال في العين الجارية قال الشافعي رحمه الله تعالى في البويطى أكره للجنب أن يغتسل في البئر معينة كانت أو دائمة وفي الماء الراكد الذي لا يجرى قال الشافعي وسواء قليل الراكد وكثيره أكره الاغتسال فيه هذا نصه وكذا صرح أصحابنا وغيرهم بمعناه وهذا كله على كراهة التنزيه لا التحريم واذا اغتسل فيه من الجنابة فهل يصير الماء مستعملا فيه تفصيل معروف عند أصحابنا وهو أنه إن كان الماء قلتين فصاعدا لم يصر مستعملا ولو اغتسل فيه جماعات في أوقات متكررات وأما إذا كان الماء دون القلتين فان انغمس فيه الجنب بغير نية ثم لما صار تحت الماء نوى ارتفعت جنابته وصار الماء مستعملا وان نزل فيه إلى ركبتيه مثلا ثم نوى قبل انغماس باقيه صار الماء في الحال مستعملا بالنسبة إلى غيره وارتفعت الجنابة عن ذلك القدر المنغمس بلا خلاف وارتفعت أيضا عن القدر الباقي إذا تمم انغماسه على المذهب الصحيح المختار المنصوص المشهور لأن الماء انما يصير مستعملا بالنسبة إلى المتطهر إذا انفصل عنه وقال أبو عبد الله الخضرى من أصحابنا وهو بكسر الخاء واسكان الضاد المعجمتين لا يرتفع عن باقيه والصواب الأول وهذا إذا تمم الانغماس من غير انفصاله فلو انفصل ثم عاد إليه لم يجزئه ما يغسله به بعد ذلك بلا خلاف ولو انغمس رجلان تحت الماء الناقص عن قلتين أن تصورا ثم نويا دفعة واحدة ارتفعت جنابتهما وصار الماء مستعملا فان نوى أحدهما قبل الآخر ارتفعت جنابة الناوى وصار الماء مستعملا بالنسبة إلى رفيقه فلا ترتفع جنابته على المذهب الصحيح المشهور وفيه وجه شاذ أنها ترتفع وان نزلا فيه إلى ركبتيهما فنويا ارتفعت جنابتهما عن ذلك القدر وصار مستعملا فلا ترتفع عن باقيهما الا على الوجه الشاذ والله أعلم
(3/189)