( باب الاضطجاع مع الحائض في لحاف واحد )
 
فيه حديث ميمونة رضي الله عنها قالت ( كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يضطجع معى وأنا حائض وبينى وبينه ثوب ) وفيه أم سلمة قالت ( بينا أنا مضطجعة مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في الخميلة اذ حضت فانسللت فأخذت ثياب حيضتي فقال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم أنفست قلت نعم فدعاني فاضطجعت معه في الخميلة ) الخميلة بفتح الخاء المعجمة وكسر الميم قال أهل اللغة الخميلة والخميل بحذف الهاء هي القطيفة وكل ثوب له خمل من أى شئ كان وقيل هي الأسود من الثياب وقولها انسللت أى ذهبت في خفية ويحتمل ذهابها أنها خافت وصول شئ
(3/206)

من الدم إليه صلى الله عليه و سلم أو تقذرت نفسها ولم ترتربصها لمضاجعته صلى الله عليه و سلم أو خافت أن يطلب الاستمتاع بها وهي على هذه الحالة التي لا يمكن فيها الاستمتاع والله أعلم وقولها فأخذت ثياب حيضتي هي بكسر الحاء وهي حالة الحيض أي أخذت الثياب المعدة لزمن الحيض هذا هو الصحيح المشهور المعروف في ضبط حيضتي في هذا الموضع قال القاضي عياض ويحتمل فتح الحاء هنا أيضا أى الثياب التي ألبسها في حال حيضتي فان الحيضة بالفتح هي الحيض قوله صلى الله عليه و سلم ( أنفست ) هو بفتح النون وكسر الفاء وهذا هو المعروف في الرواية وهو الصحيح المشهور في اللغة أن نفست بفتح النون وكسر الفاء معناه حاضت وأما في الولادة فيقال نفست بضم النون وكسر الفاء أيضا وقال الهروي في الولادة نفست بضم النون وفتحها وفي الحيض بالفتح لا غير وقال القاضي عياض روايتنا فيه في مسلم بضم النون هنا قال وهي رواية أهل الحديث وذلك صحيح وقد نقل أبو حاتم عن الأصمعي الوجهين في الحيض والولادة وذكر ذلك غير واحد وأصل ذلك كله خروج الدم والدم يسمى نفسا والله أعلم وأما أحكام الباب ففيه جواز النوم مع الحائض والاضطجاع معها في لحاف واحد إذا كان هناك حائل يمنع من ملاقاة البشرة فيما بين السرة والركبة أو يمنع الفرج وحده عند من لا يحرم الا الفرج قال العلماء لا تكره مضاجعة الحائض ولا قبلتها ولا الاستمتاع بها فيما فوق السرة وتحت الركبة ولا يكره وضع يدها في شئ من المائعات ولا يكره غسلها رأس زوجها أو غيره من محارمها وترجيله ولا يكره طبخها وعجنها وغير ذلك من الصنائع وسؤرها وعرقها طاهران وكل هذا متفق عليه وقد نقل الامام أبو جعفر محمد بن جرير في كتابه في مذاهب العلماء وإجماع المسلمين على هذا كله ودلائله من السنة ظاهرة مشهورة وأما قول الله تعالى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فالمراد اعتزلوا وطأهن ولا تقربوا وطأهن والله أعلم
(3/207)