( باب المذي )
 
فيه ( محمد بن الحنفية عن على رضي الله عنه قال كنت رجلا مذاء فكنت ستحيي أن سأل رسول الله صلى الله عليه و سلم لمكان ابنته فأمرت المقداد بن الاسود فسأله فقال يغسل ذكره ويتوضأ ) وفي الرواية الاخرى ( منه الوضوء ) وفي الرواية الاخرى
(3/212)

( توضأ وانضح فرجك ) في المذي لغات مذي بفتح الميم واسكان الذال ومذى بكسر الذال وتشديد الياء ومذى بكسر الذال وتخفيف الياء فالأوليان مشهورتان أولاهما أفصحهما واشهرهما والثالثة حكاها أبو عمرو الزاهد عن بن الاعرابي ويقال مذي وأمذي ومدي الثالثة بالتشديد والمذي ماء أبيض دقيق لزج يخرج عند شهوة لا بشهوة ولا دفق ولا يعقبه فتور وربما لا يحس بخروجه ويكون ذلك للرجل والمرأة وهو في النساء أكثر منه في الرجال والله أعلم وأما قوله صلى الله عليه و سلم ( وانضح فرجك ) فمعناه اغسله فان النضح يكون غسلا ويكون رشا وقد جاء في الرواية الأخرى يغسل ذكره فيتعين حمل النضح عليه وانضح بكسر الضاد وقد تقدم بيانه قوله كنت رجلا مذاء أى كثير المذي وهو بفتح الميم وتشديد الذال وبالمد وأما حكم خروج المذي فقد أجمع العلماء على أنه لا يوجب الغسل قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد والجماهير يوجب الوضوء لهذا الحديث وفي الحديث من الفوائد أنه لا يوجب الغسل وأنه يوجب الوضوء وأنه نجس ولهذا أوجب صلى الله عليه و سلم غسل الذكر والمراد به عند الشافعي والجماهير غسل ما أصابه المذي لا غسل جميع الذكر وحكى عن مالك وأحمد في رواية عنهما ايجاب غسل جميع الذكر وفيه أن الاستنجاء بالحجر انما يجوز الاقتصار عليه في النجاسة المعتادة وهي البول والغائط أما النادر كالدم والمذي وغيرهما فلا بد فيه من الماء وهذا أصح القولين في مذهبنا وللقائل الآخر بجواز الاقتصار فيه على الحجر قياسا على المعتاد أن يجيب عن هذا الحديث بأنه خرج على الغالب فيمن هو في بلد أن يستنجي بالماء أو يحمله على الاستحباب وفيه جواز الاستنابة في الاستفتاء وأنه يجوز الاعتماد على الخبر المظنون مع القدرة على المقطوع به لكون على اقتصر على قول المقداد مع تمكنه من سؤال النبي صلى الله عليه و سلم الا أن هذا قد ينازع فيه ويقال فلعل عليا كان حاضرا مجلس رسول الله صلى الله عليه و سلم وقت السؤال وانما
(3/213)

استحيا أن يكون السؤال منه بنفسه وفيه استحباب حسن العشرة مع الاصهار وأن الزوج يستحب له أن لا يذكر بجماع النساء والاستمتاع بهن بحضرة أبيها وأخيها وابنها وغيرهم من أقاربها ولهذا قال على رضي الله عنه فكنت أستحيي أن أسأل رسول الله صلى الله عليه و سلم لمكان ابنته معناه أن المذي يكون غالبا عند ملاعبة الزوجة وقبلتها ونحو ذلك من أنواع الاستمتاع والله أعلم قوله في الاسناد الأخير من الباب ( وحدثنى هارون بن سعيد الأيلي وأحمد بن عيسى قالا حدثنا بن وهب قال أخبرنى مخرمة بن بكير عن أبيه عن أبي سليمان بن يسار عن بن عباس قال قال على بن أبي طالب أرسلنا المقداد ) هذا الاسناد مما استدركه الدارقطنى وقال قال حماد بن خالد سألت مخرمة هل سمعت من أبيك فقال لا وقد خالفه الليث عن بكير فلم يذكر فيه بن عباس وتابعه مالك عن أبي النضر هذا كلام الدارقطني وقد قال النسائي أيضا في سننه مخرمة لم يسمع من أبيه شيئا وروى النسائي هذا الحديث من طرق وبعضها طريق مسلم هذه المذكورة وفي بعضها عن الليث بن سعد عن بكير عن سليمان بن يسار قال أرسل على المقداد هكذا أتي به مرسلا وقد اختلف العلماء في سماع مخرمة من أبيه فقال مالك رضي الله عنه قلت لمخرمة ما حدثت به عن أبيك سمعته منه فحلف بالله لقد سمعته قال مالك وكان مخرمة رجلا صالحا وكذا قال معن بن عيسى أن مخرمة سمع من أبيه وذهب جماعات إلى أنه لم يسمعه قال أحمد بن حنبل لم يسمع مخرمة من أبيه شيئا انما يروى من كتاب أبيه وقال يحيىبن معين وبن أبي خيثمة يقال وقع إليه كتاب أبيه ولم يسمع منه وقال موسى بن سلمة قلت لمخرمة حدثك أبوك فقال لم أدرك أبي ولكن هذه كتبه وقال أبو حاتم مخرمة صالح الحديث إن كان سمع من أبيه وقال على بن المدينى ولا أظن مخرمة سمع من أبيه كتاب سليمان بن يسار ولعله سمع الشئ اليسير ولم أجد أحدا بالمدينة يخبر عن مخرمة أنه كان يقول في شئ من حديثه سمعت أبي والله أعلم فهذا كلام أئمة هذا الفن وكيف كان فمتن الحديث صحيح من الطرق التي ذكرها مسلم قيل هذه الطريق ومن الطريق التي ذكرها غيره والله أعلم
(3/214)