( باب وجوب قضاء الصوم على الحائض دون الصلاة )
 
قولها ( فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة ) هذا الحكم متفق عليه اجمع المسلمون على أن الحائض والنفساء لاتجب عليهما الصلاة ولا الصوم في الحال واجمعوا على أنه لايجب عليهما قضاء الصلاة واجمعوا على انه يجب عليهما قضاء الصوم قال العلماء والفرق بينهما ان الصلاة كثيرة متكررة فيشق قضاؤها بخلاف الصوم فانه يجب في السنة مرة واحدة وربما كان الحيض يوما او يومين قال أصحابنا كل صلاة تفوت في زمن الحيض لاتقضي الا ركعتي الطواف قال الجمهور من اصحابنا وغيرهم وليست الحائض مخاطبه بالصيام في زمن الحيض وانما يجب عليها القضاء بأمر جديد وذكر بعض اصحابنا وجها انها مخاطبة بالصيام في حال الحيض وتؤمر بتأخيره كما يخاطب المحدث بالصلاة وان كانت لاتصح منه في زمن الحدث وهذا الوجه ليس بشيء فكيف يكون
(4/26)

الصيام واجبا عليها ومحرما عليها بسبب لا قدرة لها على ازالته بخلاف المحدث فانه قادر على ازالة الحدث قوله ( عن ابي قلابه ) هو بكسر القاف وتخفيف اللام وبالباء الموحده واسمه عبد الله بن زيد وقد تقدم بيانه قوله ( عن يزيد الرشك ) هو بكسر الراء واسكان الشين المعجمة وهو يزيد بن ابي يزيد الضبعي مولاهم البصري أبو الازهري واختلف العلماء في سبب تلقيبه بالرشك فقيل معناه بالفارسية القاسم وقيل الغيور وقيل كثير اللحية وقيل الرشك بالفارسية اسم للعقرب فقيل ليزيد الرشك لان العقرب دخلت في لحيته فمكثت فيها ثلاثة ايام وهو لايدري بها لان لحيته كانت طويله عظيمه جدا حكى هذه الاقوال صاحب المطالع وغيره وحكاها أبو علي الغساني وذكر هذا القول الاخير باسناده والله أعلم قولها ( حروريه انت ) هو بفتح الحاء المهمله وضم الراء الاولى وهي نسبة إلى حروراء وهي قرية بقرب الكوفة قال السمعاني هو موضع على ميلين من الكوفة كان اول اجتماع الخوارج به قال الهروى تعاقدوا في هذه القرية فنسبوا اليها فمعنى قول عائشة رضي الله عنها ان طائفة من الخوارج يوجبون على الحائض قضاء الصلاة الفائته في زمن الحيض وهو خلاف اجماع المسلمين وهذا الاستفهام الذي استفهمته عائشة هو استفهام انكار أي هذه طريقة الحرورية وبئست الطريقة قولها ( كانت احدانا تحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم لاتؤمر بقضاء ) معناه لايأمرها النبي صلى الله عليه و سلم بالقضاء مع علمه بالحيض وتركها الصلاة في زمنه ولو كان القضاء واجبا لامرها به قولها أفأمرهن أن يجزين ) هو بفتح الياء وكسر الزاي
(4/27)

غير مهموز وقد فسره محمد بن جعفر في الكتاب أن معناه يقضين وهو تفسير صحيح يقال جزى يجزئ أي قضى وبه فسروا قوله تعالى لا تجزى نفس عن نفس شيئا ويقال هذا الشيء يجزى عن كذا أي يقوم مقامه قال القاضي عياض وقد حكى بعضهم فيه الهمز والله أعلم