( باب جواز الاغتسال عريانا في الخلوة )
 
فيه قصة موسى عليه السلام وقد قدمنا في الباب السابق أنه يجوز كشف العورة في موضع الحاجة في الخلوة وذلك كحالة الاغتسال وحال البول ومعاشرة الزوجة ونحو ذلك فهذا كله جائز فيه التكشف في الخلوة وأما بحضرة الناس فيحرم كشف العورة في كل ذلك قال العلماء والتستر بمئزر ونحوه في حال الاغتسال في الخلوة أفضل من التكشف والتكشف جائز مدة الحاجة في الغسل ونحوه والزيادة على قدر الحاجة حرام على الاصح كما قدمنا في الباب السابق أن ستر العورة في الخلوة واجب على الأصح إلا في قدر الحاجة والله أعلم وموضع الدلالة من هذا الحديث أن موسى عليه الصلاة و السلام أغتسل في الخلوة عريانا وهذا يتم على قول من يقول من أهل ألاصول أن شرع من قبلنا شرع لنا والله أعلم قوله صلى الله عليه و سلم ( كانت بنواسرائيل يغتسلون عراة ينظر بعضهم إلى سوءة بعض ) يحتمل أن هذا كان جائزا في شرعهم وكان موسى عليه السلام يتركه تنزها واستحبابا وحياء ومروءة ويحتمل
(4/32)

أنه كان حراما في شرعهم كما هو حرام في شرعنا وكانوا يتساهلون فيه كما يتساهل فيه كثيرون من أهل شرعنا والسوءة هي العورة سميت بذلك لأنه يسوء صاحبها كشفها والله أعلم قوله ( أنه آدر ) هو بهمزة ممدودة ثم دال مهملة مفتوحة ثم راء مخففتين قال أهل اللغة هو عظيم الخصيتين قوله صلى الله عليه و سلم فجمح موسى عليه السلام باثره ) جمع مخفف الميم معناه جرى أشد الجري ويقال بأثره بكسر الهمزة مع اسكان الثاء ويقال أثره بفتحهما لغتان مشهورتان تقدمتا قوله صلى الله عليه و سلم ( حتى نظر إليه ) هو بضم النون وكسر الظاء مبني لما لم يسم فاعله قوله صلى الله عليه و سلم ( فطفق بالحجر ضربا ) هو بكسر الفاء وفتحها لغتان معناه جعل وأقبل وصار ملتزما لذلك ويجوز أن يكون اراد موسى صلى الله عليه و سلم بضرب الحجر اظهار معجزة لقومه بأثر الضرب في الحجر ويحتمل أنه أوحى إليه أن يضربه لاظهار المعجزة والله أعلم قوله ( انه بالحجر ندب ) هوبفتح النون والدال وهو ألاثر والله أعلم