( باب طهارة جلود الميتة بالدباغ )
 
فيه قوله صلى الله عليه و سلم في الشاة الميتة ( هلا اخذتم اهابها فدبغتموه فانتفعتم به فقالوا انها ميتة
(4/51)

فقال انما حرم أكلها وفي الرواية الاخرى ( هلا انتفعتم بجلدها قالوا انها ميتة فقال انما حرم أكلها ) وفي الرواية الاخرى ( ألا أخذتم اهابها فاستمتعتم به ) وفي الرواية الاخرى ( ألا انتفعتم
(4/52)

باهابها ) وفي الحديث الاخر ( اذا دبغ الاهاب فقد طهر ) وفي الرواية الاخرى ( عن بن وعلة قال سألت بن عباس قلت انا نكون بالمغرب فيأتينا المجوس بالاسقية فيها الماء والودك فقال اشرب فقلت
(4/53)

أرأي تراه فقال بن عباس سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول دباغه طهوره ) اختلف العلماء في دباغ جلود الميتة وطهارتها بالدباغ على سبعة مذاهب احدها مذهب الشافعي أنه يطهر بالدباغ جميع جلود الميتة الا الكلب والخنزير والمتولد من احدهما وغيره ويطهر بالدباغ ظاهر الجلد وباطنه ويجوز استعماله في الاشياء المائعة واليابسة ولا فرق بين مأكول اللحم وغيره وروى هذا المذهب عن علي بن ابي طالب وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما والمذهب الثاني لايطهر شيء من الجلود بالدباغ وروى هذا عن عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وعائشة رضي الله عنهم وهو أشهر الروايتين عن أحمد واحدى الروايتين عن مالك والمذهب الثالث يطهر بالدباغ جلد ماكول اللحم ولا يطهر غيره وهومذهب الاوزاعي وبن المبارك وأبى ثور واسحاق بن راهويه والمذهب الرابع يطهر جلود جميع الميتات الا الخنزير وهو مذهب ابي حنيفة والمذهب الخامس يطهر الجميع الا أنه يطهر ظاهره دون باطنه ويستعمل في اليابسات دون المائعات ويصلى عليه لافيه وهذا مذهب مالك المشهور في حكاية اصحابه عنه والمذهب السادس يطهر الجميع والكلب والخنزير ظاهرا وباطنا وهو مذهب داود وأهل الظاهر وحكى عن ابي يوسف والمذهب السابع أنه ينتفع بجلود الميتة وان لم تدبغ ويجوزاستعمالها في المائعات واليابسات وهو مذهب الزهري وهو وجه شاذ لبعض اصحابنا لا تفريع عليه ولا التفات إليه واحتجت كل طائفة من اصحاب هذه المذاهب بأحاديث وغيرها وأجاب بعضهم عن دليل بعض وقد أوضحت دلائلهم في اوراق من شرح المهذب والغرض هنا بيان الاحكام والاستنباط من الحديث وفي حديث بن وعلة عن بن عباس دلالة لمذهب الاكثرين أنه يطهر ظاهره وباطنه فيجوز استعماله في المائعات فإن جلود ما ذكاه المجوس نجسة وقد نص على طهارتها بالدباغ واستعمالها في الماء والودك وقد يحتج الزهري بقوله صلى الله عليه و سلم ألا انتفعتم باهابها ولم يذكر دباغها ويجاب عنه بأنه مطلق وجاءت الروايات الباقية ببيان الدباغ وإن دباغه طهوره والله أعلم واختلف أهل اللغة في الاهاب فقيل هو الجلد مطلقا وقيل هو الجلد قبل الدباغ فأما بعده فلا يسمى أهابا وجمعه أهب بفتح الهمزة والهاء وبضمهما لغتان ويقال طهر الشيء وطهر بفتح الهاء وضمها لغتان والفتح أفصح والله أعلم
(4/54)