( باب استحباب اتخاذ مؤذنين للمسجد الواحد )
 
فيه حديث بن عمر رضي الله عنهما ( كان لرسول الله صلى الله عليه و سلم مؤذنان بلال وبن أم مكتوم الاعمى رضي الله عنهما ) في هذا الحديث فوائد منها جواز وصف الانسان بعيب فيه للتعريف أو مصلحة تترتب عليه لا على قصد التنقيص وهذا أحد وجوه الغيبة المباحة وهي ستة مواضع يباح فيها ذكر الانسان بعيبه ونقصه وما يكرهه وقد بينتها بدلائلها واضحة في آخر كتاب الاذكار الذي لا يستغنى متدين عن مثله وسأذكرها ان شاء الله تعالى في كتاب النكاح عند قول النبي صلى الله عليه و سلم أما معاوية فصعلوك وفي حديث أن أبا سفيان رجل شحيح وفي حديث بئس أخو العشيرة وأنبه على نظائرها في مواضعها ان شاء الله تعالى وبالله التوفيق واسم بن أم مكتوم عمرو بن قيس بن زائدة بن الاصم بن هرم بن رواحة هذا قول الاكثرين وقيل أسمه عبد الله بن زائدة واسم أم مكتوم عاتكه توفي بن ام مكتوم يوم القادسية شهيدا والله أعلم وقوله كان لرسول الله صلى الله عليه و سلم مؤذنان يعني بالمدينة وفي وقت واحد وقد كان أبو محذورة مؤذنا لرسول الله صلى الله عليه و سلم بمكة وسعد القرظ أذن لرسول الله صلى الله عليه و سلم بقباء مرات وفي هذا الحديث استحباب اتخاذ مؤذنين للمسجد الواحد يؤذن أحدهما قبل طلوع الفجر والاخر عند طلوعه كما كان بلال وبن أم مكتوم يفعلان قال اصحابنا فاذا احتاج إلى أكثر من مؤذنين اتخذ ثلاثة وأربعة فأكثر بحسب الحاجة وقد اتخذ عثمان رضي الله عنه أربعة للحاجة عند كثرةالناس قال اصحابنا ويستحب أن لايزاد على اربعة
(4/82)

إلا لحاجة ظاهرة قال اصحابنا واذا ترتب للاذان اثنان فصاعدا فالمستحب ان يؤذنوا دفعة واحدة بل ان اتسع الوقت ترتبوا فيه فان تنازعوا في الابتداء به اقرع بينهم وان ضاق الوقت فان كان المسجد كبيرا اذنوا متفرقين في اقطاره وان كان ضيقا وقفوا معا واذنوا وهذا اذا لم يؤد اختلاف الاصوات إلى تهويش فان ادى إلى ذلك لم يؤذن الا واحد فان تنازعوا أقرع بينهم وأما الاقامة فان اذنوا على الترتيب فالاول أحق بها ان كان هو المؤذن الراتب أو لم يكن هناك مؤذن راتب فان كان الاول غير المؤذن الراتب فايهما أولى بالاقامة فيه وجهان لاصحابنا اصحهما أن الراتب اولى لانه منصبه ولو أقام في هذه الصور غير من له ولاية الاقامة اعتد به على المذهب الصحيح المختار الذي عليه جمهور اصحابنا وقال بعض أصحابنا لا يعتد به كما لو خطب بهم واحد وأم بهم غيره فلا يجوز على قول وأما اذا أذنوا معا فإن اتفقوا على اقامة واحد والا فيقرع قال اصحابنا رحمهم الله ولا يقيم في المسجد الواحد الا واحد إلا اذا لم تحصل الكفاية بواحد وقال بعض اصحابنا لا بأس أن يقيموا معا اذا لم يؤد إلى التهويش