( فصل ) قال القاضي عياض رحمه الله قوله صلى الله عليه و سلم اذا قال المؤذن الله أكبر الله أكبر فقال احدكم الله أكبر الله أكبر إلى آخره ثم قال في آخره من قلبه دخل الجنة انما كان كذلك لأن ذلك توحيد وثناء على الله تعالى وانقياد لطاعته وتفويض إليه لقوله لا حول ولا قوة الا بالله فمن حصل هذا فقد حاز حقيقة الايمان وكمال الاسلام واستحق الجنة بفضل الله تعالى وهذا معنى قوله في الرواية الاخرى رضيت بالله ربا وبمحمد رسولا
 
(4/88)

وبالاسلام دينا قال واعلم أن الاذان كلمة جامعه لعقيدة الايمان مشتمله على نوعية من العقليات والسمعيات فأوله اثبات الذات وما يستحقه من الكمال والتنزيه عن اضدادها وذلك بقوله الله أكبر وهذه اللفظة مع اختصار لفظها دالة على ما ذكرناه ثم صرح باثبات الوحدانيه ونفى ضدها من الشركة المستحيلة في حقه سبحانه وتعالى وهذه عمده الايمان والتوحيد المقدمه على كل وظائف الدين ثم صرح باثبات النبوة والشهادة بالرسالة لنبينا صلى الله عليه و سلم وهي قاعده عظيمة بعد الشهادة بالوحدانيه وموضعها بعد التوحيد لانها من باب الافعال الجائزة الوقوع وتلك المقدمات من باب الواجبات وبعد هذه القواعد كملت العقائد العقليات فيما يجب ويستحيل ويجوز في حقه سبحانه وتعالى ثم دعا إلى ما دعاهم إليه من العبادات فدعاهم إلى الصلاة وعقبها بعد اثبات النبوة لأن معرفة وجوبها من جهة النبي صلى الله عليه و سلم لا من جهة العقل ثم دعا إلى الفلاح وهوالفوز والبقاء في النعيم المقيم وفيه اشعار بأمور الآخرة من البعث والجزاء وهي آخر تراجم عقائد الاسلام ثم كرر ذلك باقامة الصلاة للاعلام بالشروع فيها وهومتضمن لتأكيد الايمان وتكرار ذكره عند الشروع في العبادة بالقلب واللسان وليدخل المصلى فيها على بينة من أمره وبصيرة من إيمانه ويستشعر عظيم ما دخل فيه وعظمة حق من يعبده وجزيل ثوابه هذا آخر كلام القاضي وهو من النفائس الجليلة وبالله التوفيق