( باب الاستماع للقراءة )
 
فيه حديث بن عباس رضي الله عنهما في تفسير قول الله عز و جل ( لا تحرك به لسانك ) إلى آخرها قوله ( كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا نزل عليه الوحي كان مما يحرك به لسانه ) إنما كرر لفظة كان لطول الكلام وقد قال العلماء إذا طال الكلام جازت إعادة اللفظ ونحوها كقوله تعالى أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون فأعاد أنكم لطول الكلام وقوله تعالى
(4/165)

ولما جاءهم كتاب من عند الله إلى قوله تعالى فلما جاءهم ما عرفوا وقد سبق بيان هذه المسألة مبسوطا في أوائل كتاب الإيمان وقوله كان مما يحرك به لسانه وشفتيه معناه كان كثيرا ما يفعل ذلك وقيل معناه هذا شانه ودأبه قوله عز و جل فإذا قرأناه أي قرأه جبريل عليه السلام ففيه اضافة ما يكون عن أمر الله تعالى إليه قوله فيشتد عليه وفي الرواية الأخرى يعالج من التنزيل شدة سبب الشدة هيبة الملك وما جاء به وثقل الوحى قال الله تعالى انا سنلقى عليك قولا ثقيلا والمعالجة المحاولة للشيء والمشقة في تحصيله قوله فكان ذلك يعرف منه يعنى يعرفه من رآه لما يظهر على وجهه وبدنه من أثره كما قالت عائشة رضى الله عنها ولقد رأيته ينزل عليه في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وان جبينه ليتفصد عرقا قوله فاستمع له وأنصت الاستماع
(4/166)

الاصغاء له والانصات السكوت فقد يستمع ولا ينصت فلهذا جمع بينهما كما قال الله تعالى فاستمعوا له وأنصتوا قال الازهري يقال أنصت ونصت وانتصت ثلاث لغات أفصحهن أنصت وبها جاء القرآن العزيز