( باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة في تمام )
 
فيه قوله صلى الله عليه و سلم ( إذا أم أحدكم الناس فليخفف فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف
(4/183)

والمريض وإذا صلى وحده فليصل كيف شاء ) وفي رواية وذا الحاجة معنى احاديث الباب ظاهر وهو الأمر للإمام بتخفيف الصلاة بحيث لا يخل بسنتها ومقاصدها وأنه إذا صلى لنفسه طول ما شاء في الأركان التي تحتمل التطويل وهي القيام والركوع والسجود والتشهد دون الاعتدال والجلوس بين السجدتين والله أعلم قوله ( إنى لأتأخر عن صلاة الصبح من أجل فلان مما يطيل بنا ) فيه جواز التأخر عن صلاة الجماعة إذا علم من عادة الإمام التطويل الكثير وفيه جواز ذكر الإنسان بهذا ونحوه في معرض الشكوى والاستفتاء قوله ( فما رأيت النبي صلى الله عليه و سلم غضب في موعظة قط أشد مما غضب يومئذ فقال يا أيها الناس إن منكم منفرين ) الحديث
(4/184)

فيه الغضب لما ينكر من أمور الدين والغضب في الموعظة قوله ( عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال له أم قومك قال قلت يا رسول الله إني أجد في نفسي شيئا فقال ادنه فجلسني بين يديه ثم وضع كفه في صدري بين ثديي ثم قال تحول فوضعها في ظهري بين كتفي ثم قال أم قومك ) قوله ثديي وكتفي بتشديد الياء على التثنية وفيه إطلاق اسم الثدي على حلمة الرجل وهذا هو الصحيح ومنهم من منعه وقد سبق بيانه في كتاب الإيمان وقوله جلسني هو بتشديد اللام وقوله أجد في نفسي شيئا قيل يحتمل أنه أراد الخوف من حصول شيء من الكبر والإعجاب له بتقدمه على الناس فأذهبه الله تعالى ببركة كف رسول
(4/185)

الله صلى الله عليه و سلم ودعائه ويحتمل انه أراد الوسوسة في الصلاة فإنه كان موسوسا ولا يصلح للإمامة الموسوس فقد ذكر مسلم في الصحيح بعد هذا عن عثمان بن أبي العاص هذا قال قلت يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها على فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ذاك شيطان يقال له خنزب فإذا أحسسته فتعوذ بالله واتفل عن يسارك ثلاثا ففعلت ذلك فأذهبه الله تعالى عني
(4/186)

قوله ( كان النبي صلى الله عليه و سلم يسمع بكاء الصبي مع أمه وهو في الصلاة فيقرأ بالسورة الخفيفة ) وفي رواية ( أن النبي صلى الله عليه و سلم قال أني لأدخل في الصلاة أريد إطالتها فأسمع بكاء الصبي فأخفف من شدة وجد أمه به ) الوجد يطلق على الحزن وعلى الحب أيضا وكلاهما سائغ هنا والحزن اظهر أي من حزنها واشتغال قلبها به وفيه دليل على الرفق بالمأمومين وسائر الاتباع ومراعاة مصلحتهم وأن لا يدخل عليهم ما يشق عليهم وإن كان يسيرا من غير ضرورة وفيه جواز صلاة النساء مع الرجال في المسجد وأن الصبي يجوز إدخاله المسجد وإن كان الأولى تنزيه المسجد عمن لا يؤمن منه حدث قوله ( حدثنا محمد بن منهال حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن انس ) هذا الاسناد كله بصريون والله أعلم