( باب جواز حمل الصبيان في الصلاة )
 
وان ثيابهم محمولة على الطهارة حتى يتحقق نجاستها وان الفعل القليل لا يبطل الصلاة وكذا اذا فرق الافعال فيه حديث حمل أمامة رضي الله عنها ففيه دليل لصحة صلاة من حمل آدميا أو حيوانا طاهرا من طير وشاة وغيرهما وأن ثياب الصبيان وأجسادهم طاهرة حتى تتحقق نجاستها وأن الفعل القليل لا يبطل الصلاة وأن الأفعال اذا تعددت ولم تتوال بل تفرقت لا تبطل الصلاة وفيه تواضع مع الصبيان وسائر الضعفة ورحمتهم وملاطفتهم وقوله رأيت النبي صلى الله عليه و سلم
(5/31)

يؤم الناس وأمامة على عاتقة هذا يدل لمذهب الشافعي رحمه الله تعالى ومن وافقه أنه يجوز حمل الصبي والصبية وغيرهما من الحيوان الطاهر في صلاة الفرض وصلاة النفل ويجوز ذلك للامام والمأموم والمنفرد وحمله أصحاب مالك رضي الله عنه على النافلة ومنعوا جواز ذلك في الفريضة وهذا التأويل فاسد لأن قوله يؤم الناس صريح أو كالصريح في أنه كان في الفريضة وادعى بعض المالكية أنه منسوخ وبعضهم أنه خاص بالنبي صلى الله عليه و سلم وبعضهم أنه كان لضرورة وكل هذه الدعاوى باطلة ومردودة فانه لا دليل عليها ولا ضرورة اليها بل الحديث صحيح صريح في جواز ذلك وليس فيه ما يخالف قواعد الشرع لأن الآدمي طاهر وما في جوفه من النجاسة معفو عنه لكونه في معدته وثياب الاطفال وأجسادهم على الطهارة ودلائل الشرع متظاهرة على هذا والافعال في الصلاة لا تبطلها اذا قلت أو تفرقت وفعل النبي صلى الله عليه و سلم هذا بيانا للجواز وتنبيها به على هذه القواعد التي ذكرتها وهذا يرد ما ادعاه الامام أبو سليمان الخطابي أن هذا الفعل يشبه ان يكون كان بغير تعمد فحملها في الصلاة لكونها كانت تتعلق به صلى الله عليه و سلم فلم يدفعها فاذا قام بقيت معه قال ولا يتوهم أنه حملها ووضعها مرة بعد أخرى عمدا لأنه عمل كثير ويشغل القلب واذ كان الخميصة شغله فكيف لا يشغله هذا هذا كلام الخطابي رحمه الله تعالى وهو باطل ودعوى مجردة ومما يردها قوله في صحيح مسلم فإذا أقام حملها وقوله فإذا رفع من السجود أعادها وقوله في رواية غير مسلم خرج علينا حاملا أمامة فصلى فذكر الحديث وأما قضية الخميصة فلانها تشغل القلب بلا فائدة وحمل أمامة
(5/32)

لا نسلم أنه يشغل القلب وان شغله فيترتب عليه فوائد وبيان قواعد مما ذكرناه وغيره فأحل ذلك الشغل لهذه الفوائد بخلاف الخميصة فالصواب الذي لا معدل عنه أن الحديث كان لبيان الجواز والتنبيه على هذه الفوائد فهو جائز لنا وشرع مستمر للمسلمين إلى يوم الدين والله أعلم [ 543 ] قوله وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم ولأبي العاص بن الربيع يعني بنت زينب من زوجها أبي العاص بن الربيع وقوله بن الربيع هو الصحيح المشهور في كتب أسماء الصحابة وكتب الانساب وغيرها ورواه أكثر رواة الموطأ عن مالك رحمه الله تعالى فقالوا بن ربيعة وكذا رواه البخاري من رواية مالك رحمه الله تعالى قال القاضي عياض وقال الاصيلي هو بن الربيع بن ربيعة فنسبه مالك إلى جده قال القاضي وهذا الذي قاله غير معروف ونسبه عند أهل الاخبار والانساب باتفاقهم أبو العاص بن الربيع بن عبدالعزى بن عبد شمس بن عبد مناف واسم أبي العاص لقيط وقيل مهشم وقيل غير ذلك والله تعالى أعلم