( باب كراهة الصلاة في ثوب له أعلام )
 
[ 556 ] قوله في خميصة هي كساء مربع من صوف قوله صلى الله عليه و سلم وأتوني بأنبجانيه قال القاضي عياض رويناه بفتح الهمزة وكسرها وبفتح الباء وكسرها أيضا في غير مسلم وبالوجهين ذكرها ثعلب قال ورويناه بتشديد الياء في آخره وبتخفيفها معا في غير مسلم اذ هو في رواية لمسلم بانبجانية مشدد مكسور على الاضافة إلى أبي جهم وعلى التذكير كما جاء في الرواية الاخرى كساء له أنبجانيا قال ثعلب هو كل ما كثف قال غيره هو كساء غليظ لا علم له فإذا كان للكساء علم فهو خميصة فان لم يكن فهو انبجانية وقال الداودي هو كساء غليظ بين الكساء والعباءة وقال القاضي أبو عبد الله هو كساء سداه قطن أو كتان ولحمته صوف وقال بن قتيبة انما هو منبجاني ولا يقال انبجاني منسوب إلى منبج وفتح الباء في النسب لانه خرج مخرج الشذوذ وهو قول الاصمعي قال الباجي ما قاله ثعلب أظهر والنسب إلى منبج منبجي قوله صلى الله عليه و سلم شغلتني أعلام هذه وفي الرواية الإخرى ألهتني وفي رواية للبخاري فأخاف أن تفتني معنى هذه الإلفاظ متقارب وهو اشتغال القلب بها عن كمال الحضور في الصلاة وتدبر أذكارها وتلاوتها ومقاصدها
(5/43)

من الانقياد والخضوع ففيه الحث على حضور القلب في الصلاة وتدبر ما ذكرناه ومنع النظر من الامتداد إلى ما يشغل وازالة ما يخاف اشتغال القلب به وكراهية تزويق محراب المسجد وحائطه ونقشه وغير ذلك من الشاغلات لأن النبي صلى الله عليه و سلم جعل العلة في ازالة الخميصة هذا المعنى وفيه أن الصلاة تصح وان حصل فيها فكر في شاغل ونحوه مما ليس متعلقا بالصلاة وهذا باجماع الفقهاء وحكى عن بعض السلف والزهاد ما لا يصح عمن يعتد به في الاجماع قال أصحابنا يستحب له النظر إلى موضع سجوده ولا يتجاوزه قال بعضهم يكره تغميض عينيه وعندي لا يكره الا أن يخاف ضررا وفيه صحة الصلاة في ثوب له أعلام وأن غيره أولى وأما بعثه صلى الله عليه و سلم بالخميصة إلى أبي جهم وطلب أنبجانيه فهو من باب الادلال عليه لعلمه بأنه يؤثر هذا ويفرح به والله أعلم واسم أبي جهم هذا عامر بن حذيفة بن غانم القرشي العدوي المدني الصحابي قال الحاكم أبو أحمد ويقال اسمه عبيد بن حذيفة وهو غير أبي جهيم بضم الجيم وزيادة ياء على التصغير المذكور في باب التيمم وفي مرور المار بين يدي المصلى وقد سبق بيانه في موضعه
(5/44)