( باب النهي عن نشد الضالة في المسجد وما يقوله من سمع الناشد )
 
[ 568 ] قوله صلى الله عليه و سلم من سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد فليقل لا ردها الله عليك فان المساجد لم تبن لهذا قال أهل اللغة يقال نشدت الدابة اذا طلبتها وأنشدتها اذا عرفتها ورواية هذا الحديث ينشد ضالة بفتح الياء وضم الشين من نشدت إذا طلبت ومثله قوله [ 569 ] في الرواية الأخرى ان رجلا نشد في المسجد فقال من دعا إلى الجمل الأحمر فقال النبي صلى الله عليه و سلم
(5/54)

لا وجدت إنما بنيت المساجد لما بنيت له قوله إلى الجمل الأحمر في هذين الحديثين فوائد منها النهي عن نشد الضالة في المسجد ويلحق به ما في معناه من البيع والشراء والاجارة ونحوها من العقود وكراهة رفع الصوت في المسجد قال القاضي قال مالك وجماعة من العلماء يكره رفع الصوت في المسجد بالعلم وغيره وأجاز أبو حنيفة رحمه الله تعالى ومحمد بن مسلمة من أصحاب مالك رحمه الله تعالى رفع الصوت فيه بالعلم والخصومة وغير ذلك مما يحتاج إليه الناس لأنه مجمعهم ولا بد لهم منه وقوله صلى الله عليه و سلم إنما بنيت المساجد لما بنيت له معناه لذكر الله تعالى والصلاة والعلم والمذاكرة في الخير ونحوها قال القاضي فيه دليل على منع عمل الصانع في المسجد كالخياطة وشبهها قال وقد منع بعض العلماء من تعليم الصبيان في المسجد قال قال بعض شيوخنا انما يمنع في المسجد من عمل الصنائع التي يختص بنفعها آحاد الناس ويكتسب به فلا يتخذ المسجد متجرا فأما الصنائع التي يشمل نفعها المسلمين في دينهم كالمثاقفة واصلاح آلات الجهاد مما لا امتهان للمسجد في عمله فلا بأس به قال وحكى بعضهم خلافا في تعليم الصبيان فيها وقوله صلى الله عليه و سلم لا وجدت وأمر أن يقال مثل هذا فهو عقوبة له على مخالفته وعصيانه وينبغي لسامعه أن يقول لا وجدت فان المساجد لم تبن لهذا أو يقول لا وجدت إنما بنيت المساجد لما بنيت له
(5/55)

كما قاله رسول الله صلى الله عليه و سلم