( باب متى يقوم الناس للصلاة )
 
[ 604 ] فيه قوله صلى الله عليه و سلم إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني وفي رواية أبي هريرة
(5/101)

رضي الله عنه أقيمت الصلاة فقمنا فعدلنا الصفوف قبل أن يخرج الينا رسول الله صلى الله عليه و سلم وفي رواية أن الصلاة كانت تقام لرسول الله صلى الله عليه و سلم فيأخذ الناس مصافهم قبل أن يقوم النبي صلى الله عليه و سلم مقامه وفي رواية جابر بن سمرة رضي الله عنه كان بلال رضي الله عنه يؤذن اذا دحضت ولا يقيم حتى يخرج النبي صلى الله عليه و سلم فإذا خرج أقام
(5/102)

الصلاة حين يراه قال القاضي عياض رحمه الله تعالى يجمع بين مختلف هذه الاحاديث بأن بلالا رضي الله عنه كان يراقب خروج النبي صلى الله عليه و سلم من حيث لا يراه غيره أو الا القليل فعند أول خروجه يقيم ولا يقوم الناس حتى يروه ثم لا يقوم مقامه حتى يعدلوا الصفوف وقوله في رواية أبي هريرة رضي الله عنه فيأخذ الناس مصافهم قبل خروجه لعله كان مرة أو مرتين ونحوهما لبيان الجواز أو لعذر ولعل قوله صلى الله عليه و سلم فلا تقوموا حتى تروني كان بعد ذلك قال العلماء والنهي عن القيام قبل أن يروه لئلا يطول عليهم القيام ولانه قد يعرض له عارض فيتأخر بسببه واختلف العلماء من السلف فمن بعدهم متى يقوم الناس للصلاة ومتى يكبر الامام فمذهب الشافعي رحمه الله تعالى وطائفة أنه يستحب أن لا يقوم أحد حتى يفرغ المؤذن من الاقامة ونقل القاضي عياض عن مالك رحمه الله تعالى وعامة العلماء أنه يستحب أن يقوموا إذا أخذ المؤذن في الاقامة وكان أنس رحمه الله تعالى يقوم اذا قال المؤذن قد قامت الصلاة وبه قال أحمد رحمه الله تعالى وقال أبو حنيفة رضي الله عنه والكوفيون يقومون في الصف اذا قال حي على الصلاة فاذا قال قد قامت الصلاة كبر الامام وقال جمهور العلماء من السلف والخلف لا يكبر الامام حتى يفرغ المؤذن من الاقامة قوله قمنا فعدلنا الصفوف اشارة إلى أن هذه سنة معهودة عندهم وقد أجمع العلماء على استحباب تعديل الصفوف والتراص فيها وقد سبق بيانه في بابه قوله فأتى رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى إذا قام في مصلاه قبل أن يكبر ذكر فانصرف وقال لنا مكانكم فلم نزل قياما ننتظره حتى خرج الينا وقد اغتسل فقوله قبل أن يكبر صريح في أنه لم يكن كبر ودخل في الصلاة ومثله قوله في رواية البخاري وانتظرنا تكبيره وفي رواية أبي داود أنه كان دخل في الصلاة فتحمل هذه الرواية على أن المراد بقوله دخل في الصلاة أنه قام في مقامه للصلاة وتهيأ للاحرام بها ويحتمل أنهما قضيتان وهو الأظهر وظاهر هذه الأحاديث أنه لما اغتسل وخرج لم يجددوا اقامة الصلاة وهذا محمول على قرب الزمان فان طال فلابد من اعادة الاقامة ويدل على قرب الزمان في هذا الحديث قوله صلى الله عليه و سلم مكانكم وقوله خرج إلينا ورأسه ينطف وفيه جواز النسيان في العبادات على الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين وقد سبق بيان هذه المسألة قريبا قوله ينطف بكسر الطاء وضمها لغتان مشهورتان أي يقطر وفيه دليل على طهارة الماء المستعمل قوله فأومأ اليهم هو مهموز [ 606 ] قوله كان بلال يؤذن
(5/103)

اذا دحضت هو بفتح الدال والحاء والضاد المعجمة أي زالت الشمس