( باب التغليظ في تفويت صلاة العصر )
 
[ 626 ] قوله صلى الله عليه و سلم الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله روى بنصب اللامين
(5/125)

ورفعهما والنصب هو الصحيح المشهور الذي عليه الجمهور على أنه مفعول ثان ومن رفع فعلى ما لم يسم فاعله ومعناه انتزع منه أهله وماله وهذا تفسير مالك بن أنس وأما على رواية النصب فقال الخطابي وغيره معناه نقص هو أهله وماله وسلبه فبقى بلا أهل ولا مال فليحذر من تفويتها كحذره من ذهاب أهله وماله وقال أبو عمر بن عبدالبر معناه عند أهل اللغة والفقه أنه كالذي يصاب بأهله وماله اصابة يطلب بها وترا والوتر الجناية التي يطلب ثأرها فيجتمع عليه غمان غم المصيبة وغم مقاساة طلب الثأر وقال الداودي من المالكية معناه يتوجه عليه من الاسترجاع ما يتوجه على من فقد أهله وماله فيتوجه عليه الندم والأسف لتفويته الصلاة وقيل معناه فاته من الثواب ما يلحقه من الاسف عليه كما يلحق من ذهب أهله وماله قال القاضي عياض رحمه الله تعالى واختلفوا في المراد بفوات العصر في هذا الحديث فقال بن وهب وغيره هو فيمن لم يصلها في وقتها المختار وقال سحنون والاصيلي هو أن تفوته بغروب الشمس وقيل هو تفويتها إلى أن تصفر الشمس وقد ورد مفسرا من رواية الأوزاعي في هذا الحديث قال فيه وفواتها أن يدخل الشمس صفرة وروى عن سالم أنه قال هذا فيمن فاتته ناسيا وعلى قول الداودي هو في العامد وهذا هو الأظهر ويؤيده حديث البخاري في صحيحه من ترك صلاة العصر حبط عمله وهذا إنما يكون في العامد قال بن عبدالبر ويحتمل أن يلحق بالعصر باقي الصلوات ويكون نبه بالعصر على غيرها وإنما خصها بالذكر لأنها تأتي وقت تعب الناس من مقاساة أعمالهم وحرصهم على قضاء أشغالهم وتسويفهم بها إلى انقضاء وظائفهم وفيما قاله نظر لأن الشرع ورد في العصر ولم تتحقق العلة في هذا الحكم فلا يلحق بها غيرها بالشك والتوهم وإنما يلحق غير المنصوص بالمنصوص إذا عرفنا العلة واشتركا فيها والله أعلم قوله قال عمرو يبلغ به وقال أبو بكر رفعه هما بمعنى لكن عادة مسلم رحمة الله المحافظة على اللفظ وان اتفق معناه وهي عادة جميلة والله أعلم
(5/126)