( باب فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما )
 
[ 632 ] قوله صلى الله عليه و سلم يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر فيه دليل لمن قال من النحويين يجوز اظهار ضمير الجمع والتثنية في الفعل إذا تقدم وهو لغة بني الحارث وحكوا فيه قولهم أكلوني البراغيث وعليه حمل الاخفش ومن وافقه قول الله تعالى وأسروا النجوى الذين ظلموا وقال سيبويه وأكثر النحويين لا يجوز اظهار الضمير مع تقدم الفعل ويتأولون كل هذا ويجعلون الاسم بعده بدلا من الضمير ولا يرفعونه بالفعل كأنه لما قيل وأسروا النجوى قيل من هم قيل الذين ظلموا وكذا يتعاقبون ونظائره ومعنى يتعاقبون تأتي طائفة بعد طائفة ومنه تعقب الجيوش وهو أن يذهب إلى ثغر قوم ويجيء آخرون وأما اجتماعهم في الفجر والعصر فهو من لطف الله تعالى بعباده المؤمنين وتكرمة لهم أن جعل اجتماع الملائكة عندهم ومفارقتهم لهم في أوقات عباداتهم واجتماعهم على طاعة ربهم فيكون شهادتهم لهم بما شاهدوه من الخير وأما قوله صلى الله عليه و سلم فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم كيف تركتم عبادي فهذا السؤال على ظاهره وهو تعبد منه لملائكته كما أمرهم بكتب الاعمال وهو أعلم بالجميع قال القاضي عياض رحمه الله الاظهر وقول الأكثرين أن هؤلاء الملائكة هم الحفظة الكتاب قال
(5/133)

وقيل يحتمل أن يكونوا من جملة الملائكة بجملة الناس غير الحفظة قوله صلى الله عليه و سلم لا تضامون في رؤيته تقدم شرحه وضبطه في كتاب الايمان ومعناه لا يلحقكم ضيم في الرؤية [ 633 ] وقوله صلى الله عليه و سلم أما انكم ستعرضون على ربكم فترونه كما ترون هذا القمر أي ترونه رؤية محققة لا شك فيها ولا مشقة كما ترون هذا القمر رؤية محققة بلا مشقة فهو تشبيه للرؤية بالرؤية لا المرئى بالمرئي والرؤية مختصة بالمؤمنين وأما الكفار فلا يرونه سبحانه وتعالى وقيل يراه منافقوا هذه الأمة وهذا ضعيف والصحيح الذي عليه جمهور أهل السنة أن المنافقين لا يرونه كما لا يراه باقي الكفار باتفاق العلماء وقد سبق بيان هذه المسألة في كتاب الايمان قوله
(5/134)

[ 635 ] حدثني أبو جمرة هو بالجيم