( باب الرخصة في التخلف عن الجماعة لعذر )
 
[ 33 ] عتبان بن مالك بكسر العين على المشهور وحكى ضمها قوله في حديث عتبان فلم
(5/158)

يجلس حتى دخل البيت ثم قال أين تحب أن أصلي من بيتك فأشرت إلى ناحية من البيت هكذا هو في جميع نسخ صحيح مسلم فلم يجلس حتى دخل وزعم بعضهم أن صوابه حين قال القاضي هذا غلط بل الصواب حتى كما ثبتت الروايات ومعناه لم يجلس في الدار ولا في غيرها حتى دخل البيت مبادرا إلى قضاء حاجتي التي طلبتها وجاء بسببها وهي الصلاة في بيتي وهذا الذي قاله القاضي واضح متعين ووقع في بعض نسخ البخاري حين وفي بعضها حتى وكلاهما صحيح قوله وحبسناه على خزير هو بالخاء المعجمة وبالزاي وآخره راء ويقال خزيرة بالهاء قال بن قتيبة الخزيرة لحم يقطع صغارا ثم يصب عليه ماء كثير فإذا نضج در عليه دقيق فإن لم يكن فيها لحم فهي عصيدة وفي صحيح البخاري قال قال النضر الخزيرة من النخالة والحريرة بالحاء المهملة والراء المكررة من اللبن وكذا قال أبو الهيثم إذا كانت من نخالة فهي خزيرة وإذا كانت من دقيق فهي حريرة والمراد نخالة فيها غليظ الدقيق قوله في الرواية الأخرى
(5/159)

حشيشة قال شمر هي أن تطحن الحنطة طحنا جليلا ثم يلقى فيها لحم أو تمر فتطبخ به قوله فثاب رجال من أهل الدار هو بالثاء المثلثة وآخره باء موحدة أى اجتمعوا والمراد بالدار هنا المحلة قوله مالك بن الدخشن هذا تقدم ضبطه وشرح حديثه في كتاب الايمان قوله ص لا تقل له ذلك أي لا تقل في حقه ذلك وقد جاءت اللام بمعنى في مواضع كثيرة نحو هذا وقد بسطت ذلك في كتاب الإيمان من هذا الشرح قوله وهو من سراتهم هو بفتح السين أي ساداتهم
(5/160)

قوله نري أن الأمر انتهى الينا ضبطناه نرى بفتح النون وضمها وفي حديث عتبان هذا فوائد كثيرة تقدمت في كتاب الإيمان منها أنه يستحب لمن قال سأفعل كذا أن يقول أن شاء الله للآية والحديث ومنها التبرك بالصالحين وآثارهم والصلاة في المواضع التي صلوا بها وطلب التبريك منهم ومنها أن فيه زيارة الفاضل المفضول وحضور ضيافته وفيه سقوط الجماعة للعذر وفيه استصحاب الامام والعالم ونحوهما بعض أصحابه في ذهابه وفيه الاستئذان على الرجل في منزله وان كان صاحبه وقد تقدم منه استدعاء وفيه الابتداء في الأمور بأهمها لأنه ص جاء للصلاة فلم يجلس حتى صلى وفيه جواز صلاة النفل جماعة وفيه أن الأفضل في صلاة النهار أن تكون مثنى كصلاة الليل وهو مذهبنا ومذهب الجمهور وفيه أنه يستحب لأهل المحلة وجيرانهم إذا ورد رجل صالح إلى منزل بعضهم أن يجتمعوا إليه ويحضروا مجلسه لزيارته واكرامه والاستفادة منه وفيه أنه لا بأس بملازمة الصلاة في موضع معين من البيت وإنما جاء في الحديث النهي عن إيطان موضع من المسجد للخوف من الرياء ونحوه وفيه الذب عمن ذكر بسوء وهو بريء منه وفيه أنه لا يخلد في النار من مات على التوحيد وفيه غير ذلك والله أعلم قوله إني لأعقل مجة مجها رسول الله صلى الله عليه و سلم هكذا هو في صحيح مسلم وزاد في رواية البخاري
(5/161)

مجها في وجهي قال العلماء المج طرح الماء من الفم بالتزريق وفي هذا ملاطفة الصبيان وتأنيسهم واكرام آبائهم بذلك وجواز المزاح قال بعضهم ولعل النبي صلى الله عليه و سلم أراد بذلك أن يحفظه محمود فينقله كما وقع فتحصل له فضيلة نقل هذا الحديث وصحة صحبته وان كان في زمن النبي صلى الله عليه و سلم مميزا وكان عمره حينئذ خمس سنين وقيل أربعا والله أعلم