( باب الصلاة في الرحال في المطر )
 
[ 697 ] قوله ان رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة باردة أو ذات مطر في
(5/205)

السفر أن يقول ألا صلوا في رحالكم [ 698 ] وفي رواية ليصل من شاء منكم في رحله وفي حديث بن عباس رضي الله عنهما أنه قال لمؤذن في يوم مطير إذا قلت أشهد أن محمدا رسول الله فلا تقل حي على الصلاة قل صلوا في بيوتكم قال فكأن الناس استنكروا ذلك فقال أتعجبون من ذا فقد فعل هذا من هو خير مني أن الجمعة عزمة وإني كرهت أن أحرجكم فتمشوا في الطين
(5/206)

والدحض وفي رواية فعله من هو خير مني يعني رسول الله صلى الله عليه و سلم هذا الحديث دليل على تخفيف أمر الجماعة في المطر ونحوه من الاعذار وأنها متأكدة إذا لم يكن عذر وأنها مشروعة لمن تكلف الإتيان إليها وتحمل المشقة لقوله في الرواية الثانية ليصل من شاء في رحله وأنها مشروعة في السفر وأن الأذان مشروع في السفر وفي حديث بن عباس رضي الله عنه أن يقول ألا صلوا في رحالكم في نفس الأذان وفي حديث بن عمر أنه قال في آخر ندائه والأمران جائزان نص عليهما الشافعي رحمه الله تعالى في الأم في كتاب الأذان وتابعه جمهور أصحابنا في ذلك فيجوز بعد الأذان وفي أثنائه لثبوت السنة فيهما لكن قوله بعده أحسن ليبقى نظم الأذان على وضعه ومن أصحابنا من قال لا يقوله إلا بعد الفراغ وهذا ضعيف مخالف لصريح حديث بن عباس رضي الله عنهما ولا منافاة بينه وبين الحديث الأول حديث بن عمر رضي الله عنهما لأن هذا جرى في وقت وذلك في وقت وكلاهما صحيح قال أهل اللغة الرحال المنازل سواء كانت من حجر ومدر وخشب أو شعر وصوف ووبر وغيرها واحدها رحل قوله نادى بالصلاة بضجنان هو بضاد معجمة مفتوحة ثم جيم ساكنة ثم نون وهو جبل على بريد من مكة [ 699 ] قوله ان الجمعة عزمة باسكان الزاي أي واجبة متحتمة فلو قال المؤذن حي على الصلاة لكلفتم المجيء إليها ولحقتكم المشقة قوله كرهت أن أحرجكم هو بالحاء المهملة من الحرج وهو المشقة هكذا ضبطناه وكذا نقله القاضي عياض عن رواياتهم قوله في الطين والدحض باسكان الحاء المهملة وبعدها ضاد معجمة وفي الرواية الأخيرة الدحض والزلل هكذا هو باللامين والدحض والزلل والزلق والردغ بفتح الراء واسكان الدال المهملة وبالغين المعجمة كله بمعنى واحد ورواه بعض رواة مسلم رزغ بالزاي بدل الدال بفتحها واسكانها
(5/207)

وهو الصحيح وهو بمعنى الردغ وقيل هو المطر الذي يبل وجه الأرض قوله وحدثنيه أبو الربيع العتكي هو الزهراني قال القاضي كذا وقع هنا جمع بين العتكى والزهراني وتارة يقول العتكى فقط وتارة الزهراني قال ولا يجتمع العتك وزهران الا في جدهما لأنهما ابنا عم وليس أحدهما من بطن الآخر لأن زهران بن الحجر بن عمران بن عمر والعتك بن أحد بن عمرو وقد سبق التنبيه على هذا في أوائل الكتاب وفي هذا الحديث دليل على سقوط الجمعة بعذر المطر ونحوه وهو مذهبنا ومذهب آخرين وعن مالك رحمه الله تعالى خلافه والله تعالى أعلم بالصواب
(5/208)