( باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما )
 
وأنها مشروعة في جميع الأوقات [ 714 ] قوله صلى الله عليه و سلم إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس وفي الرواية
(5/225)

الأخري فلا يجلس حتى يركع ركعتين فيه استحباب تحية المسجد بركعتين وهي سنة بإجماع المسلمين وحكى القاضي عياض عن داود وأصحابه وجوبهما وفيه التصريح بكراهة الجلوس بلا صلاة وهي كراهة تنزيه وفيه استحباب التحية في أي وقت دخل وهو مذهبنا وبه قال جماعة وكرهها أبو حنيفة والأوزاعي والليث في وقت النهي وأجاب أصحابنا أن النهي إنما هو عما لا سبب له لأن النبي صلى الله عليه و سلم صلى بعد العصر ركعتين قضاء سنة الظهر فخص وقت النهى وصلى به ذات السبب ولم يترك التحية في حال من الأحوال بل أمر الذي دخل المسجد يوم الجمعة وهو يخطب فجلس أن يقوم فيركع ركعتين مع أن الصلاة في حال الخطبة ممنوع منها إلا التحية فلو كانت التحية تترك في حال من الأحوال لتركت الآن لأنه قعد وهي مشروعة قبل القعود ولانه كان يجهل حكمها ولأن النبي صلى الله عليه و سلم قطع خطبته وكلمه وأمره أن يصلي التحية فلولا شدة الاهتمام بالتحية في جميع الأوقات لما اهتم عليه السلام هذا الإهتمام ولا يشترط أن ينوي التحية بل تكفيه ركعتان من فرض أو سنة راتبة أو غيرهما ولو نوى بصلاته التحية والمكتوبة انعقدت صلاته وحصلتا له ولو صلى على جنازة أو سجد شكرا أو للتلاوة أو صلى ركعة بنية التحية لم تحصل التحية على الصحيح من مذهبنا وقال بعض أصحابنا تحصل وهو خلاف ظاهر الحديث ودليله أن المراد اكرام المسجد ويحصل بذلك والصواب أنه لا يحصل وأما المسجد الحرام فأول ما يدخله الحاج يبدأ بطواف القدوم فهو تحيته ويصلي بعده ركعتي الطواف
(5/226)