( باب استحباب ركعتي سنة الفجر والحث عليهما وتخفيفهما )
 
والمحافظة عليهما وبيان ما يستحب أن يقرأ فيهما [ 723 ] قوله ركع ركعتين خفيفتين فيه أنه يسن تخفيف سنة الصبح وأنهما ركعتان قوله كان إذا طلع الفجر لا يصلي إلا ركعتين خفيفتين قد يستدل به من يقول تكره الصلاة من طلوع الفجر إلا سنة الصبح وما له سبب ولاصحابنا في المسألة ثلاثة أوجه أحدها هذا ونقله
(6/2)

القاضي عن مالك والجمهور والثاني لا تدخل الكراهة حتى يصلي سنة الصبح والثالث لا تدخل الكراهة حتى يصلي فريضة الصبح وهذا هو الصحيح عند أصحابنا وليس في هذا الحديث دليل ظاهر على الكراهة إنما فيه الإخبار بأنه كان صلى الله عليه و سلم لا يصلي غير ركعتي السنة ولم ينه عن غيرها [ 724 ] قوله كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي ركعتي الفجر إذا سمع الأذان ويخففهما وفي رواية إذا طلع الفجر فيه أن سنة الصبح لا يدخل وقتها إلا بطلوع الفجر واستحباب تقديمها في أول طلوع الفجر وتخفيفها وهو مذهب مالك والشافعي والجمهور وقال بعض السلف لا بأس بإطالتهما ولعله أراد أنها ليست محرمة ولم يخالف في استحباب التخفيف وقد بالغ قوم فقالوا لا قراءة فيهما أصلا حكاه الطحاوي والقاضي وهو غلط بين فقد ثبت في الأحاديث الصحيحة التي ذكرها مسلم بعد هذا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يقرأ فيهما بعد الفاتحة بقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد وفي رواية قولوا آمنا بالله و قل يا أهل الكتاب تعالوا وثبت في الأحاديث الصحيحة
(6/3)

لا صلاة إلا بقراءة ولا صلاة إلا بأم القرآن ولا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بالقرآن واستدل بعض الحنفية بهذا الحديث على أنه لا يؤذن للصبح قبل طلوع الفجر للأحاديث الصحيحة أن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن بن أم مكتوم وهذا الحديث الذي في الباب المراد به الأذان الثاني قولها يصلي ركعتي الفجر فيخفف حتى اني أقول هل قرأ فيهما بأم القرآن هذا الحديث دليل على المبالغة في التخفيف والمراد المبالغة بالنسبة إلى عادته صلى الله عليه و سلم من إطالة صلاة الليل وغيرها من نوافله وليس فيه دلالة لمن قال لا تقرأ فيهما أصلا لما قدمناه من الدلائل الصحيحة الصريحة قولها لم يكن على شيء من النوافل أشد معاهدة منه على ركعتين قبل الصبح فيه دليل على عظم فضلهما وأنهما سنة ليستا واجبتين وبه قال جمهور العلماء وحكى القاضي
(6/4)

عياض عن الحسن البصري رحمهما الله تعالى وجوبهما والصواب عدم الوجوب لقولها على شيء من النوافل مع قوله صلى الله عليه و سلم خمس صلوات قال هل علي غيرها قال لا إلا أن تطوع وقد يستدل به لاحد القولين عندنا في ترجيح سنة الصبح على الوتر لكن لا دلالة فيه لأن الوتر كان واجبا على رسول الله صلى الله عليه و سلم فلا يتناوله هذا الحديث [ 725 ] قوله صلى الله عليه و سلم ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها أي من متاع الدنيا [ 726 ] قوله قرأ في ركعتي الفجر قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد وفي الرواية الأخرى [ 727 ] قرأ الآيتين قولوا
(6/5)

آمنا بالله وما أنزل إلينا و قل يا أهل الكتاب تعالوا هذا دليل لمذهبنا ومذهب الجمهور أنه يستحب أن يقرأ فيهما بعد الفاتحة سورة ويستحب أن يكون هاتان السورتان أو الآيتان كلاهما سنة وقال مالك وجمهور أصحابه لا يقرأ غير الفاتحة وقال بعض السلف لا يقرأ شيئا كما سبق وكلاهما خلاف هذه السنة الصحيحة التي لا معارض لها