( باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن وبيان عددهن )
 
[ 728 ] فيه حديث أم حبيبة من صلى اثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة بنى له بهن بيت في الجنة وفي
(6/6)

رواية ما من عبد مسلم يصلي لله تعالى في كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعا غير فريضة إلا بنى الله له بيتا في الجنة وفي حديث بن عمر قبل الظهر سجد سجدتين وكذا بعدها وبعد المغرب
(6/7)

والعشاء والجمعة وزاد في صحيح البخاري قبل الصبح ركعتين وهذه اثنتا عشرة وفي حديث عائشة هنا أربعا قبل الظهر وركعتين بعدها وبعد المغرب وبعد العشاء وإذا طلع الفجر صلى ركعتين وهذه اثنتا عشرة أيضا وليس للعصر ذكر في الصحيحين وجاء في سنن أبي داود باسناد صحيح عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يصلي قبل العصر ركعتين وعن بن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن وجاء في أربع بعد الظهر حديث صحيح عن أم حبيبة قالت قال رسول الله صلى الله عليه و سلم من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح وفي صحيح البخاري عن بن مغفل أن النبي صلى الله عليه و سلم قال صلوا قبل المغرب قال في الثالثة لمن شاء وفي الصحيحين عن بن مغفل أيضا عن النبي صلى الله عليه و سلم بين كل
(6/8)

أذانين صلاة المراد بين الأذان والإقامة فهذه جملة من الأحاديث الصحيحة في السنن الراتبة مع الفرائض قال أصحابنا وجمهور العلماء بهذه الأحاديث كلها واستحبوا جميع هذه النوافل المذكورة في الأحاديث السابقة ولا خلاف في شيء منها عند أصحابنا إلا في الركعتين قبل المغرب ففيهما وجهان لأصحابنا أشهرهما لا يستحب والصحيح عند المحققين استحبابهما بحديثي بن مغفل وبحديث ابتدارهم السواري بها وهو في الصحيحين قال أصحابنا وغيرهم واختلاف الأحاديث في أعدادها محمول على توسعة الأمر فيها وأن لها أقل وأكمل فيحصل أصل السنة بالاقل ولكن الاختيار فعل الأكثر الأكمل وهذا كما سبق في اختلاف أحاديث الضحى وكما في أحاديث الوتر فجاءت فيها كلها أعدادها بالأقل والأكثر وما بينهما ليدل على أقل المجزئ في تحصيل أصل السنة وعلى الأكمل والأوسط والله أعلم قوله حدثنا أبو خالد عن داود بن هند عن النعمان بن سالم عن عمرو بن أوس عن عنبسة بن أبي سفيان عن أم حبيبة هذا الحديث فيه أربعة تابعيون بعضهم عن بعض وهم داود والنعمان وعمرو وعنبسة وقد سبقت لهذا نظائر كثيرة قوله بحديث يتسار إليه هو بمثناة تحت مفتوحة ثم مثناة فوق وتشديد الراء المرفوعة أي يسر به من السرور لما فيه من البشارة مع سهولته وكان عنبسة محافظا عليه كما ذكره في آخر الحديث ورواه بعضهم بضم أوله على ما لم يسم فاعله وهو صحيح أيضا قوله ص تطوعا غير فريضة هو من باب التوكيد ورفع احتمال ارادة الاستعاذة ففيه استحباب استعمال التوكيد إذا احتيج إليه قوله قالت أم حبيبة فما تركتهن وكذا قال عنبسة وكذا قال عمرو بن أوس والنعمان بن سالم فيه أن يحسن من العالم ومن يقتدى به أن يقول مثل هذا ولا يقصد به تزكية نفسه بل يريد حث السامعين على التخلق بخلقة في ذلك وتحريضهم على المحافظة عليه وتنشيطهم لفعله [ 729 ] قوله صليت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم قبل الظهر سجدتين أي ركعتين قولها كان يصلي في بيتي قبل الظهر أربعا ثم يخرج فيصلي بالناس ثم يدخل فيصلي ركعتين وذكرت مثله في المغرب والعشاء ونحوه في حديث بن عمر فيه استحباب النوافل الراتبة في البيت كما يستحب فيه غيرها ولا خلاف في هذا عندنا وبه قال الجمهور وسواء عندنا وعندهم راتبة فرائض النهار والليل قال جماعة من السلف الاختيار فعلها في المسجد كلها وقال مالك والثوري الأفضل فعل نوافل النهار الراتبة في المسجد وراتبة الليل في البيت ودليلنا هذه الأحاديث الصحيحة وفيها التصريح بأنه صلى الله عليه و سلم
(6/9)

يصلي سنة الصبح والجمعة في بيته وهما صلاتا نهار مع قوله صلى الله عليه و سلم أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة وهذا عام صحيح صريح لا معارض له فليس لأحد العدول عنه والله أعلم قال العلماء والحكمة في شرعية النوافل تكميل الفرائض بها ان عرض فيها نقص كما ثبت في الحديث في سنن أبي داود وغيره ولترتاض نفسه بتقديم النافلة ويتنشط بها ويتفرغ قلبه أكمل فراغ للفريضة ولهذا يستحب أن تفتح صلاة الليل بركعتين خفيفتين كما ذكره مسلم بعد هذا قريبا