( باب استحباب قراءة القرآن على أهل الفضل والحذاق فيه )
 
وان كان القارئ أفضل من المقروء عليه [ 799 ] قال مسلم حدثنا هداب بن خالد حدثنا همام حدثنا قتادة عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لأبي ان الله أمرني أن أقرأ عليك قال آلله سماني لك قال الله سماك لي فجعل أبي يبكي قال مسلم حدثنا محمد بن المثني وبن بشار قال محمد بن جعفر حدثنا شعبة قال سمعت قتادة يحدث عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأبي بن كعب ان الله أمرني أن أقرأ عليك لم يكن الذين كفروا قال وسماني لك قال نعم قال فبكى قال مسلم حدثنا يحيى بن حبيب الحارثي حدثنا خالد يعني
(6/85)

بن الحارث حدثنا شعبة عن قتادة قال سمعت أنسا يقول قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأبي بمثله هذه الأسانيد الثلاثة رواتها كلهم بصريون وهذا من المستطرفات أن يجتمع ثلاثة أسانيد متصلة مسلسلون بغير قصد وقد سبق بيان مثله وشعبة واسطي بصرى سبق بيانه مرات وفي الطريق الثالث فائدة حسنة وهي أن قتادة صرح بالسماع من أنس بخلاف الأوليين وقتادة مدلس فينتفي أن يخاف من تدليسه بتصريحه بالسماع وقد سبق التنبيه على مثل هذا مرات وفي الحديث فوائد كثيرة منها استحباب قراءة القرآن على الحذاق فيه وأهل العلم به والفضل وان كان القارئ أفضل من المقروء عليه ومنها المنقبة الشريفة لأبي بقراءة النبي صلى الله عليه و سلم عليه ولا يعلم أحد من الناس شاركه في هذا ومنها منقبة أخرى له بذكر الله تعالى له ونصه عليه في هذه المنزلة الرفيعة ومنها البكاء للسرور والفرح مما يبشر الإنسان به ويعطاه من معالي الأمور وأما قوله آلله سماني لك فيه أنه يجوز أن يكون الله تعالى أمر النبي صلى الله عليه و سلم يقرأ على رجل من أمته ولم ينص على أبي فأراد أبي أن يتحقق هل نص عليه أو قال على رجل فيؤخذ منه الاستثبات في المحتملات واختلفوا في الحكمة في قراءته صلى الله عليه و سلم على أبي والمختار أن سببها أن تستن الأمة بذلك في القراءة على أهل الاتقان والفضل ويتعلموا آداب القراءة ولا يأنف أحد من ذلك وقيل للتنبيه على جلالة أبي وأهليته لأخذ القرآن عنه وكان بعده ص رأسا وأماما في اقراء القرآن وهو أجل ناشرته أو من أجلهم ويتضمن معجزة لرسول الله صلى الله عليه و سلم وأما تخصيص هذه السورة فلانها وجيزة جامعة لقواعد كثيرة من أصول الدين وفروعه ومهماته والاخلاص وتطهير القلوب وكان الوقت يقتضي الاختصار والله أعلم