( باب بيان أن أفضل الصدقة صدقة الصحيح الشحيح )
 
[ 1032 ] قوله ( يا رسول الله أي الصدقة أعظم فقال أن تصدق وانت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى ولا تمهل حتى اذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا ألا وقد كان لفلان ) قال الخطابى الشح أعم من البخل وكأن الشح جنس والبخل نوع وأكثر ما يقال البخل في أفراد الأمور والشح عام كالوصف اللازم وما هو من قبل الطبع قال فمعنى الحديث أن الشح غالب في حال الصحة فاذا شح فيها وتصدق كان أصدق في نيته وأعظم لاجره بخلاف من أشرف على الموت وآيس من الحياة ورأى مصير المال لغيره فان صدقته حينئذ ناقصة بالنسبة إلى حالة الصحة والشح رجاء البقاء وخوف الفقر وتأمل الغنى بضم الميم أي تطمع به ومعنى بلغت الحلقوم بلغت الروح والمراد قاربت بلوغ الحلقوم اذ لو بلغته حقيقة لم تصح وصيته ولا صدقته ولا شيء من تصرفاته باتفاق الفقهاء وقوله صلى الله عليه و سلم ( لفلان كذا ولفلان كذا ألا وقد كان لفلان ) قال الخطابي المراد به الوارث وقال غيره المراد به سبق القضاء به
(7/123)

للموصى له ويحتمل أن يكون المعنى أنه قد خرج عن تصرفه وكمال ملكه واستقلاله بما شاء من التصرف فليس له في وصيته كبير ثواب بالنسبة إلى صدقة الصحيح الشحيح قوله صلى الله عليه و سلم ( أما وأبيك لتنبأنه ) قد يقال حلف بأبيه وقد نهى عن الحلف بغير الله وعن الحلف بالآباء والجواب أن النهى عن اليمين بغير الله لمن تعمده وهذه اللفظه الواقعة في الحديث تجرى على اللسان من غير تعمد فلا تكون يمينا ولا منهيا عنها كما سبق بيانه في كتاب الايمان