( باب تحريم الزكاة على رسول الله صلى الله عليه و سلم )
 
( وعلى آله وهم بنو هاشم وبنو المطلب دون غيرهم ) [ 1069 ] قوله ( أخذ الحسن بن علي تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم كخ كخ ارم بها أما علمت أنا لا نأكل الصدقة ) وفي رواية لا تحل لنا الصدقة قال القاضي يقال كخ كخ بفتح الكاف وكسرها وتسكين الخاء ويجوز كسرها مع التنوين وهي كلمة يزجر بها الصبيان عن المستقذرات فيقال له كخ أي اتركه وارم به قال الداودى هي عجمية معربة بمعنى بئس وقد أشار إلى هذا البخارى بقوله في ترجمة باب من تكلم بالفارسية والرطانة وفي الحديث أن الصبيان يوقون ما يوقاه الكبار وتمنع من تعاطيه وهذا واجب على الولى قوله صلى الله عليه و سلم ( أما علمت أنا لا نأكل الصدقة ) هذه اللفظة تقال في الشيء الواضح التحريم
(7/175)

ونحوه وان لم يكن المخاطب عالما به وتقديره عجب كيف خفى عليك هذا مع ظهور تحريم الزكاة على النبي صلى الله عليه و سلم وعلى آله وهم بنو هاشم وبنو المطلب هذا مذهب الشافعي وموافقيه أن آله صلى الله عليه و سلم هم بنو هاشم وبنو المطلب وبه قال بعض المالكية وقال أبو حنيفة ومالك هم بنو هاشم خاصة قال القاضي وقال بعض العلماء هم قريش كلها وقال أصبغ المالكي هم بنو قصى دليل الشافعي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ان بنى هاشم وبنى المطلب شيء واحد وقسم بينهم سهم ذوى القربى وأما صدقة التطوع فللشافعى فيها ثلاثة أقوال أصحها أنها تحرم على رسول الله صلى الله عليه و سلم وتحل لآله والثاني تحرم عليه وعليهم والثالث تحل له ولهم وأما موالى بنى هاشم وبنى المطلب فهل تحرم عليهم الزكاة فيه وجهان لأصحابنا أصحهما تحرم للحديث الذي ذكره مسلم بعد هذا حديث أبي رافع والثاني تحل وبالتحريم قال أبو حنيفة وسائر الكوفيين وبعض المالكية وبالاباحة قال مالك وادعى بن بطال المالكي أن الخلاف انما هو في موالي بنى هاشم وأما موالى غيرهم فتباح لهم بالاجماع وليس كما قال بل الأصح عند أصحابنا تحريمها على موالي بنى هاشم وبنى المطلب ولا فرق بينهما والله أعلم [ 1070 ] قوله صلى الله عليه و سلم ( انا لا تحل لنا الصدقة ) ظاهره تحريم صدقة الفرض والنفل وفيهما الكلام السابق قوله صلى الله عليه و سلم ( انى لأنقلب إلى أهلى فاجد التمرة ساقطة على فراشي
(7/176)

ثم أرفعها لآكلها ثم أخشى أن تكون صدقة فألقيها ) فيه تحريم الصدقة عليه صلى الله عليه و سلم وأنه لا فرق بين صدقة الفرض والتطوع لقوله صلى الله عليه و سلم الصدقة بالألف واللام وهي تعم النوعين ولم يقل الزكاة وفيه استعمال الورع لأن هذه التمرة لا تحرم بمجرد الاحتمال لكن الورع تركها قوله ( أن رسول الله صلى الله عليه و سلم مر بتمرة في الطريق فقال لولا أن تكون من الصدقة لأكلتها ) فيه استعمال الورع كما سبق وفيه أن التمرة ونحوها من محقرات الأموال لا يجب تعريفها بل يباح أكلها والتصرف فيها في الحال لأنه صلى الله عليه و سلم انما تركها خشية أن تكون من الصدقة لا لكونها لقطة وهذا الحكم متفق عليه وعلله أصحابنا وغيرهم
(7/177)

بأن صاحبها في العادة لا يطلبها ولا يبقى له فيها مطمع والله أعلم [ 1072 ] قوله ( فانتحاه ربيعة بن الحارث ) هو بالحاء ومعناه عرض له وقصده ( قوله ما تفعل هذا الا نفاسة منك علينا ) معناه حسدا منك لنا قوله ( فما نفسنا عليك ) هو بكسر الفاء أي ما حسدناك ذلك قوله صلى الله عليه و سلم ( أخرجا ما تصرران ) هكذا هو في معظم الأصول ببلادنا وهو الذي ذكره الهروى والمازرى وغيرهما من أهل الضبط تصرران بضم التاء وفتح الصاد وكسر الراء وبعدها راء أخرى ومعناه تجمعانه في صدوركما من الكلام وكل شيء جمعته فقد صررته ووقع في بعض النسخ تسرران بالسين من السر أي ما تقولانه لي سرا وذكر القاضي عياض فيه أربع روايات هاتين الثنتين والثالثة تصدران باسكان الصاد وبعدها دال مهملة معناه ماذا ترفعان إلى قال وهذه رواية السمرقندى والرابعة تصوران بفتح
(7/178)

الصاد وبواو مكسورة قال وهكذا ضبطه الحميدى قال القاضي وروايتنا عن أكثر شيوخنا بالسين واستبعد رواية الدال والصحيح ما قدمناه عن معظم نسخ بلادنا ورجحه أيضا صاحب المطالع فقال الأصوب تصرران بالصاد والرائين قوله ( قد بلغنا النكاح ) أي الحلم كقوله تعالى حتى اذا بلغوا النكاح قوله ( وجعلت زينب تلمع الينا من وراء الحجاب ) هو بضم التاء واسكان اللام وكسر الميم ويجوز فتح التاء والميم يقال ألمع ولمع اذا أشار بثوبه أو بيده قوله صلى الله عليه و سلم لعبد المطلب بن ربيعة والفضل بن عباس وقد سألاه العمل على الصدقة بنصيب العامل ( ان الصدقة لا تنبغى لآل محمد ) دليل على أنها محرمة سواء كانت بسبب العمل أو بسبب الفقر والمسكنة وغيرهما من الأسباب الثمانية وهذا هو الصحيح عند أصحابنا وجوز بعض أصحابنا لبنى هاشم وبنى المطلب العمل عليها بسهم العامل لأنه اجارة وهذا ضعيف أو باطل وهذا الحديث صريح في رده قوله صلى الله عليه و سلم ( انما هي أوساخ الناس ) تنبيه على العلة في تحريمها على بنى هاشم وبنى المطلب وأنها لكرامتهم وتنزيههم عن الأوساخ ومعنى أوساخ الناس أنها تطهير لأموالهم ونفوسهم كما قال تعالى خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها فهي كغسالة الأوساخ قوله
(7/179)

( حدثنا هارون بن معروف حدثنا بن وهب أخبرني يونس بن يزيد عن بن شهاب عن عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي أن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب أخبره ) هكذا وقع في مسلم من رواية يونس عن بن شهاب وسبق في الرواية التي قبل هذه عن جويرية عن مالك عن الزهري أن عبد الله بن عبد الله بن نوفل وكلاهما صحيح والأصل هو رواية مالك ونسبه في رواية يونس إلى جده ولا يمتنع ذلك قال النسائي ولا نعلم أحدا روى هذا الحديث عن مالك الا جويرية بن أسماء قوله صلى الله عليه و سلم ( أصدق عنهما من الخمس ) يحتمل أن يريد من سهم ذوى القربى من الخمس لأنهما من ذوى القربى ويحتمل ان يريد من سهم النبي صلى الله عليه و سلم من الخمس قوله عن علي رضي الله عنه ( وقال أنا أبو حسن القرم ) هو بتنوين حسن وأما القرم فالبراء مرفوع وهو السيد وأصله فحل الابل قال الخطابي معناه المقدم في المعرفة بالأمور والرأي كالفحل هذا أصح الأوجه في ضبطه وهو المعروف في نسخ بلادنا والثاني حكاه القاضي أبو الحسن القوم بالواو باضافة حسن إلى القوم ومعناه عالم القوم وذو رأيهم والثالث حكاه القاضي أيضا أبو حسن بالتنوين والقوم بالواو مرفوع أي أنا من علمتم رأيه أيها القوم وهذا ضعيف لأن حروف النداء لا تحذف في نداء القوم ونحوه قوله ( لا أريم مكاني ) هو بفتح الهمزة وكسر الراء أي لا أفارقه قوله ( والله لا أريم مكاني حتى يرجع اليكما ابناكما بحور ما بعثتما به
(7/180)

قوله بحور هو بفتح الحاء المهملة أي بجواب ذلك قال الهروى في تفسيره يقال كلمته فما رد على حورا ولا حويرا أي جوابا قال ويجوز أن يكون معناه الخيبة أي يرجعا بالخيبة واصل الحور الرجوع إلى النقص قال القاضي هذا أشبه بسياق الحديث أما قوله ابناكما فهكذا ضبطناه ابناكما بالتثنية ووقع في بعض الأصول أبناؤكما بالواو على الجمع وحكاه القاضي ايضا قال وهو وهم والصواب الأول وقال وقد يصح الثاني على مذهب من جمع الأثنين قوله صلى الله عليه و سلم ( أدعوا لي محمية بن جزء وهو رجل من بني أسد ) أما محمية فبميم مفتوحة ثم حاء مهملة ساكنة ثم ميم أخرى مكسورة ثم ياء مخففة وأما جزء فبجيم مفتوحة ثم زاي ساكنة ثم همزة هذا هو الأصح قال القاضي هكذا تقوله عامة الحفاظ وأهل الإتقان ومعظم الرواة وقال عبد الغنى بن سعيد يقال جزى بكسر الزاي يعنى وبالياء وكذا وقع في بعض النسخ في بلادنا قال القاضي وقال أبو عبيد هو عندنا جز مشدد الزاي وأما قوله وهو رجل من بنى أسد فقال القاضي كذا وقع والمحفوظ أنه من بنى زبيد لا من بنى أسد