( باب جواز صوم النافلة بنية من النهار قبل الزوال )
 
( وجواز فطر الصائم نفلا من غير عذر والأولى اتمامه ) [ 1154 ] فيه حديث عائشة رضي الله عنها ( قالت قال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم ذات يوم يا عائشة هل
(8/33)

عندكم شيء قالت فقلت يا رسول الله ما عندنا شيء قال فانى صائم قالت فخرج صلى الله عليه و سلم فأهديت لنا هدية أو جاءنا زور فلما رجع رسول الله صلى الله عليه و سلم قلت يا رسول الله أهديت لنا هدية أو جاءنا زور وقد خبأت لك شيئا قال ما هو قلت حيس قال هاتيه فجئت به فاكل ثم قال قد كنت أصبحت صائما ) وفي الرواية الأخرى قالت ( دخل على النبي صلى الله عليه و سلم ذات يوم فقال هل عندكم شيء قلنا لا قال فأني اذا صائم ثم أتانا يوما آخر فقلنا يا رسول الله أهدى لنا حيس قال أرينيه فلقد أصبحت صائما فأكل ) الحيس بفتح الحاء المهملة هو التمر مع السمن والاقط وقال الهروى ثريدة من اخلاط والأول هو المشهور والزور بفتح الزاي الزوار ويقع الزور على الواحد
(8/34)

والجماعة القليلة والكثيرة وقولها جاءنا زور وقد خبأت لك معناه جاءنا زائرون ومعهم هدية خبأت لك منها أو يكون معناه جاءنا زور فأهدى لنا بسببهم هدية فخبات لك منها وهاتان الروايتان هما حديث واحد والثانية مفسرة للآولى ومبينة أن القصة في الرواية الأولى كانت في يومين لا في يوم واحد كذا قاله القاضي وغيره وهو ظاهر وفيه دليل لمذهب الجمهور أن صوم النافلة يجوز بنية في النهار قبل زوال الشمس ويتأوله الآخرون على أن سؤاله صلى الله عليه و سلم هل عندكم شيء لكونه ضعف عن الصوم وكان نواه من الليل فأراد الفطر للضعف وهذا تأويل فاسد وتكلف بعيد وفي الرواية الثانية التصريح بالدلالة لمذهب الشافعي وموافقيه في أن صوم النافلة يجوز قطعه والأكل في أثناء النهار ويبطل الصوم لانه نفل فهو إلى خيرة الانسان في الابتداء وكذا في الدوام وممن قال بهذا جماعة من الصحابة وأحمد واسحاق وآخرون ولكنهم كلهم والشافعي معهم متفقون على استحباب اتمامه وقال أبو حنيفة ومالك لا يجوز قطعة ويأثم بذلك وبه قال الحسن البصرى ومكحول والنخعى وأوجبوا قضاءه على من أفطر بلا عذر قال بن عبد البر وأجمعوا على أن لا قضاء على من أفطره بعذر والله أعلم