( باب صيام النبي صلى الله عليه و سلم في غير رمضان )
 
( واستحباب أن لا يخلى شهرا من صوم ) فيه حديث عائشة ( أن النبي صلى الله عليه و سلم ما صام شهرا كله الا رمضان ولا أفطره كله حتى يصيب منه ) وفي رواية يصوم منه وفي رواية كان يصوم حتى نقول قد صام قد صام ويفطر
(8/36)

حتى نقول قد أفطر قد أفطر وفي رواية يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم وما رأيته في شهر أكثر منه صياما في شعبان وفي رواية كان يصوم شعبان كله كان يصوم شعبان الا قليلا في هذه الاحاديث أنه يستحب أن لا يخلى شهرا من صيام وفيها أن صوم النفل غير مختص بزمان معين بل كل السنة صالحة له الا رمضان والعيد والتشريق وقولها كان يصوم شعبان كله كان يصومه الا قليلا الثاني تفسير للاول وبيان أن قولها كله أي غالبه وقيل كان يصومه كله في وقت ويصوم بعضه في سنة أخرى وقيل كان يصوم تارة من أوله وتارة من آخره وتارة بينهما وما يخلى منه شيئا بلا صيام لكن في سنين وقيل في تخصيص شعبان بكثرة الصوم لكونه ترفع فيه أعمال العباد وقيل غير ذلك فان قيل سيأتى قريبا في الحديث الآخر ان أفضل الصوم بعد رمضان صوم المحرم فكيف أكثر منه في شعبان دون المحرم فالجواب لعله لم يعلم فضل المحرم الا في آخر الحياة قبل التمكن من صومه أو لعله كان يعرض فيه أعذار تمنع من اكثار الصوم فيه كسفر ومرض وغيرهما قال العلماء وانما لم يستكمل غير رمضان لئلا يظن وجوبه [ 782 ] وقوله ص
(8/37)

( خذوا من الأعمال ما تطيقون ) إلى آخر هذا الحديث تقدم شرحه وبيانه واضحا في كتاب الصلاة قبيل كتاب القراءة وأحاديث القرآن قوله ( سألت سعيد بن جبير عن صوم رجب فقال سمعت بن عباس يقول كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم ) الظاهر أن مراد سعيد بن جبير بهذا الاستدلال أنه لا نهى عنه ولا ندب
(8/38)

فيه لعينه بل له حكم باقي الشهور ولم يثبت في صوم رجب نهى ولا ندب لعينه ولكن أصل الصوم مندوب إليه وفي سنن أبي داود أن رسول الله صلى الله عليه و سلم ندب إلى الصوم من الأشهر الحرم ورجب أحدها والله أعلم