باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر ( وصوم يوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس
 
( باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر ( وصوم يوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس ) [ 1161 ] فيه حديث عائشة ( أن النبى صلى الله عليه و سلم كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر ولم يكن يبالى )
(8/48)

من أى أيام الشهر يصوم ) وحديث عمران بن حصين ( أن النبى صلى الله عليه و سلم قال له أو قال لرجل وهو يسمع يا فلان أصمت من سرة هذا الشهر قال لا قال فاذا أفطرت فصم يومين ) هكذا هو في جميع النسخ من سرة هذا الشهر بالهاء بعد الراء وذكر مسلم بعده حديث أبى قتادة ثم حديث عمران ايضا في سرر شعبان وهذا تصريح من مسلم بأن رواية عمران الاولى بالهاء والثانية بالراء ولهذا فرق بينهما وأدخل الاولى مع حديث عائشة كالتفسير له فكأنه يقول يستحب أن تكون الايام الثلاثة من سرة الشهر وهى وسطه وهذا متفق على استحبابه وهو استحباب كون الثلاثة هي أيام البيض وهى الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر وقد جاء فيها حديث في كتاب الترمذى وغيره وقيل هي الثانى عشر والثالث عشر والرابع عشر قال العلماء ولعل النبى صلى الله عليه و سلم لم يواظب على ثلاثة معينة لئلا يظن تعينها ونبه بسرة الشهر وبحديث الترمذى في أيام البيض على فضيلتها [ 1162 ] قوله ( عن عبد الله بن معبد الزمانى ) هو بزاى مكسورة ثم ميم مشددة قوله ( عن عبد الله بن معبد الزمانى عن ابى قتادة رجل أتى النبى صلى الله عليه و سلم فقال كيف تصوم ) هكذا هو في معظم النسخ عن أبى قتادة رجل أتى وعلى هذا يقرأ رجل بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أى الشان والأمر رجل أتى النبى صلى الله عليه و سلم فقال وقد أصلح في بعض النسخ أن رجلا أتى وكان موجب هذا الاصلاح جهالة انتظام الأول وهو منتظم كما ذكرته فلا يجوز تغييره والله أعلم قوله ( رجل أتى النبى صلى الله عليه و سلم فقال كيف تصوم فغضب رسول الله
(8/49)

صلى الله عليه و سلم
( قال العلماء سبب غضبه صلى الله عليه و سلم أنه كره مسألته لأنه يحتاج إلى أن يجيبه ويخشى من جوابه مفسدة وهى أنه ربما اعتقد السائل وجوبه أو استقله أو اقتصر عليه وكان يقتضى حاله أكثر منه وانما اقتصر عليه النبى صلى الله عليه و سلم لشغله بمصالح المسلمين وحقوقهم وحقوق أزواجه وأضيافه والوافدين إليه لئلا يقتدى به كل أحد فيؤدى إلى الضرر في حق بعضهم وكان حق السائل أن يقول كم أصوم أو كيف أصوم فيخص السؤال بنفسه ليجيبه بما تقتضيه حاله كما أجاب غيره بمقتضى أحوالهم والله أعلم قوله ( كيف من يصوم يوما ويفطر يومين قال وددت انى طوقت ذاك ) قال القاضي قيل معناه وددت أن أمتى تطوقه لأنه صلى الله عليه و سلم كان يطيقه وأكثر منه وكان يواصل ويقول انى لست كاحدكم انى أبيت عند ربى يطعمنى ويسقينى قلت ويؤيد هذا التأويل قوله صلى الله عليه و سلم في الرواية الثانية ليت ان الله قوانا لذلك أو يقال انما قاله لحقوق نسائه وغيرهن من المسلمين المتعلقين به والقاصدين إليه قوله صلى الله عليه و سلم ( صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة )
(8/50)

التى قبله والسنة التى بعده ) معناه يكفر ذنوب صائمه في السنتين قالوا والمراد بها الصغائر وسبق بيان مثل هذا في تكفير الخطايا بالوضوء وذكرنا هناك أنه ان لم تكن صغائر يرجى التخفيف من الكبائر فان لم يكن رفعت درجات قوله صلى الله عليه و سلم في صيام الدهر ( لا صام ولا أفطر ) قد سبق بيانه قوله في هذا الحديث من رواية شعبة ( قال وسئل عن صوم يوم الاثنين والخميس فسكتنا عن ذكر الخميس لما نراه وهما ) ضبطوا نراه بفتح النون وضمها وهما صحيحان قال القاضي
(8/51)

عياض رحمه الله انما تركه وسكت عنه لقوله فيه ولدت وفيه بعثت أو أنزل على وهذا انما هو في يوم الاثنين كما جاء في الروايات الباقيات يوم الاثنين دون ذكر الخميس فلما كان في رواية شعبة ذكر الخميس تركه مسلم لأنه رآه وهما قال القاضي ويحتمل صحة رواية شعبة ويرجع الوصف بالولادة والانزال إلى الاثنين دون الخميس وهذا الذى قاله القاضي متعين والله أعلم قال القاضي واختلفوا في تعيين هذه الأيام الثلاثة المستحبة من كل شهر ففسره جماعة من الصحابة والتابعين بأيام البيض وهى الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر منهم عمر بن الخطاب وبن مسعود وأبو ذر وبه قال أصحاب الشافعى واختار النخعى وآخرون آخر الشهر واختار آخرون ثلاثة من أوله منهم الحسن واختارت عائشة وآخرون صيام السبت والأحد والاثنين من شهر ثم الثلاثاء والأربعاء والخميس من الشهر الذى بعده واختار آخرون الاثنين والخميس وفي حديث رفعه بن عمر أول اثنين في الشهر وخميسان بعده وعن أم سلمة أول خميس والاثنين بعده ثم الاثنين وقيل أول يوم من الشهر والعاشر والعشرين وقيل انه صيام مالك بن أنس وروى عنه كراهة صوم أيام البيض وقال بن شعبان المالكى أول يوم من الشهر والحادى عشر والحادى وعشرون والله أعلم
(8/52)