( باب بيان عدد عمر النبى صلى الله عليه و سلم وزمانهن )
 
[ 1253 ] قوله ( اعتمر النبى صلى الله عليه و سلم أربع عمر كلهن في ذى القعدة الا التي مع حجته عمرة من الحديبية
(8/234)

أو زمن الحديبية في ذى القعدة وعمرة من العام المقبل في ذى القعدة وعمرة من الجعرانة حيث قسم غنائم حنين في ذى القعدة وعمرة مع حجته وفي الرواية الأخرى حج حجة واحدة واعتمر أربع عمر هذه رواية أنس وفي رواية بن عمر أربع عمر احداهن في رجب وأنكرت ذلك عائشة وقالت لم يعتمر النبى صلى الله عليه و سلم قط في رجب فالحاصل من رواية أنس وبن عمر اتفاقهما على أربع عمر وكانت احداهن في ذى القعدة عام الحديبية سنة ست من الهجرة وصدوا فيها فتحللوا وحسبت لهم عمرة والثانية في ذى القعدة وهي سنة سبع وهي عمرة القضاء والثالثة في ذى القعدة سنة ثمان وهي عام الفتح والرابعة مع حجته وكان احرامها في ذى القعدة واعمالها في ذى الحجة وأما قول بن عمر أن احداهن في رجب فقد أنكرته عائشة وسكت بن عمر حين أنكرته قال العلماء هذا يدل على أنه اشتبه عليه أو نسى أو شك ولهذا سكت عن الإنكار على عائشة ومراجعتها بالكلام فهذا الذى ذكرته هو الصواب الذى يتعين المصير إليه وأما القاضي عياض فقال ذكر أنس أن العمرة الرابعة كانت مع حجته فيدل على أنه كان قارنا قال وقد رده كثير من الصحابة قال وقد قلنا ان الصحيح أن النبى صلى الله عليه و سلم كان مفردا وهذا يرد قول أنس وردت عائشة قول بن عمر قال فحصل أن الصحيح أن النبي صلى الله عليه و سلم كان مفردا وهذا يرد قول انس وردت عائشة قول بن عمر قال فحصل أن الصحيح ثلاث عمر قال ولا يعلم للنبى صلى الله عليه و سلم اعتمار الا ما ذكرناه قال واعتمد مالك في الموطأ على أنهن ثلاث عمر هذا آخر كلام القاضي وهو قول ضعيف بل باطل والصواب أنه صلى الله عليه و سلم اعتمر أربع عمر كما صرح به بن عمر وأنس وجزما الرواية به فلا يجوز رد روايتهما بغير جازم وأما قوله ان النبى صلى الله عليه و سلم كان في حجة الوداع مفردا لا قارنا فليس كما قال بل الصواب أن النبى صلى الله عليه و سلم كان مفردا في أول احرامه ثم أحرم بالعمرة فصار قارنا ولا بد من هذا التأويل والله أعلم قال العلماء وانما اعتمر النبى صلى الله عليه و سلم هذه العمرة في ذى القعدة لفضيلة هذا الشهر
(8/235)

ولمخالفة الجاهلية في ذلك فانهم كانوا يرونه من أفجر الفجور كما سبق ففعله صلى الله عليه و سلم مرات في هذه الأشهر ليكون أبلغ في بيان جوازه فيها وأبلغ في ابطال ما كانت الجاهلية عليه والله أعلم وأما قوله ( ان النبي صلى الله عليه و سلم حج حجة واحدة ) فمعناه بعد الهجرة لم يحج الا حجة واحدة وهي حجة الوداع سنة عشر من الهجرة وقوله قال أبو إسحاق وبمكة اخرى يعنى قبل الهجرة وقد روى في غير مسلم قبل الهجرة حجتان [ 1254 ] قوله ( عن زيد بن أرقم أن رسول الله صلى الله عليه و سلم غزا تسع عشرة غزوة ) معناه أنه غزا تسع عشرة وأنا معه أو أعلم له تسع عشرة غزوة وكانت غزواته صلى الله عليه و سلم خمسا وعشرين وقيل سبعا وعشرين وقيل غير ذلك وهو مشهور في كتب المغازى وغيرها قوله ( عن عائشة قالت لعمرى ما اعتمر في رجب ) هذا دليل على جواز قول الانسان لعمرى وكرهه مالك لأنه من تعظيم غير الله تعالى ومضاهاته بالحلف
(8/236)

بغيره قوله ( انهم سألوا بن عمر عن صلاة الذين كانوا يصلون الضحى في المسجد فقال بدعة ) هذا قد حمله القاضي وغيره على أن مراده أن اظهارها في المسجد والاجتماع لها هو البدعة لا أن أصل صلاة الضحى بدعة وقد سبقت المسألة في كتاب الصلاة والله أعلم