باب جواز الطواف على بعير وغيره واستلام
 
( باب جواز الطواف على بعير وغيره واستلام ) ( الحجر بمحجن ونحوه للراكب ) [ 1272 ] قوله ( أن رسول الله صلى الله عليه و سلم طاف في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن ) المحجن بكسر الميم وإسكان الحاء وفتح الجيم وهو عصا معقفة يتناول بها الراكب ما سقط له ويحرك بطرفها بعيره للمشي وفي هذا الحديث جواز الطواف راكبا واستحباب استلام الحجر وأنه اذا عجز عن استلامه بيده استلمه بعود وفيه جواز قول حجة الوداع وقد قدمنا أن بعض العلماء كره أن يقال لها حجة الوداع وهو غلط والصواب جواز قول حجة الوداع والله أعلم واستدل به أصحاب مالك وأحمد على طهارة بول ما يؤكل لحمه وروثه لأنه لا يؤمن ذلك من البعير فلو كان نجسا لما عرض المسجد له ومذهبنا ومذهب أبي حنيفة وآخرين نجاسة ذلك وهذا الحديث لا دلالة فيه لأنه ليس من ضرورته أن يبول أو يروث في حال الطواف وإنما هو محتمل وعلى تقدير حصوله ينظف المسجد منه كما أنه صلى الله عليه و سلم أقر ادخال الصبيان الأطفال المسجد مع أنه لا يؤمن بولهم بل قد وجد ذلك ولأنه لو كان ذلك محققا لنزه المسجد منه سواء كان نجسا أو طاهرا لأنه مستقذر [ 1273 ] قوله في طوافه صلى الله عليه و سلم )
(9/18)

راكبا ( لأن يراه الناس ويشرف وليسألوه ) هذا بيان لعلة ركوبة صلى الله عليه و سلم وقيل أيضا لبيان الجواز وجاء في سنن أبي داود أنه كان صلى الله عليه و سلم في طوافه هذا مريضا وإلى هذا المعنى أشار البخاري وترجم عليه باب المريض يطوف راكبا فيحتمل أنه صلى الله عليه و سلم طاف راكبا لهذا كله قوله ( فإن الناس غشوه ) هو بتخفيف الشين أي ازدحموا عليه قولها ( كراهية أن يضرب عنه الناس ) هكذا هو في معظم النسخ يضرب بالباء وفي بعضها يصرف بالصاد المهملة والفاء وكلاهما صحيح قوله ( حدثني الحكم بن موسى القنطرى ) هو بفتح القاف قال السمعاني هو من قنطرة بردان وهي محلة من بغداد قوله ( وحدثنا معروف بن خربوذ ) هو بخاء معجمة مفتوحة ومضمومة الفتح أشهر وممن حكاهما القاضي عياض في المشارق والقائل بالضم هو أبو الوليد الباجي وقال الجمهور بالفتح وبعد الخاء راء مفتوحة مشددة ثم باء موحدة مضمومة ثم واو ثم ذال معجمة
(9/19)

[ 1275 ] قوله ( رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يطوف بالبيت ويستلم الركن بمحجن معه ويقبل المحجن ) فيه دليل على استحباب استلام الحجر الأسود وأنه اذا عجز عن استلامه بيده بأن كان راكبا أو غيره استلمه بعصا ونحوها ثم قبل ما استلم به وهذا مذهبنا [ 1276 ] قوله صلى الله عليه و سلم ( طوفى من وراء الناس وأنت راكبة قالت فطفت ورسول الله صلى الله عليه و سلم حينئذ يصلى إلى جنب البيت وهو يقرأ ب الطور وكتاب مسطور انما أمرها صلى الله عليه و سلم بالطواف من وراء الناس لشيئين أحدهما أن سنة النساء التباعد عن الرجال في الطواف والثاني أن قربها يخاف منه تأذى الناس بدابتها وكذا اذا طاف الرجل راكبا وإنما طافت في حال صلاة النبي صلى الله عليه و سلم ليكون أستر لها وكانت هذه الصلاة صلاة الصبح والله أعلم