( باب استحباب زيادة التغليس بصلاة الصبح يوم النحر )
 
( بالمزدلفة والمبالغة فيه بعد تحقيق طلوع الفجر ) [ 1289 ] قوله عن عبد الله بن مسعود ( ما رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم صلى صلاة الا لميقاتها
(9/36)

الا صلاتين صلاة المغرب والعشاء بجمع وصلى الفجر يومئذ قبل ميقاتها ) معناه أنه صلى المغرب في وقت العشاء بجمع التي هي المزدلفة وصلى الفجر يومئذ قبل ميقاتها المعتاد ولكن بعد تحقق طلوع الفجر فقوله قبل وقتها المراد قبل وقتها المعتاد لا قبل طلوع الفجر لأن ذلك ليس بجائز بإجماع المسلمين فيتعين تأويله على ما ذكرته وقد ثبت في صحيح البخاري في هذا الحديث في بعض رواياته ان بن مسعود صلى الفجر حين طلع الفجر بالمزدلفة ثم قال أن رسول الله صلى الله عليه و سلم صلى الفجر هذه الساعة وفي رواية فلما طلع الفجر قال ان رسول الله صلى الله عليه و سلم كان لا يصلي هذه الساعة الا هذه الصلاة في هذا المكان من هذا اليوم والله أعلم وفي هذه الروايات كلها حجة لأبي حنيفة في استحباب الصلاة في آخر الوقت في غير هذا اليوم ومذهبنا ومذهب الجمهور استحباب الصلاة في أول الوقت في كل الأيام ولكن في هذا اليوم أشد استحبابا وقد سبق في كتاب الصلاة ايضاح المسألة بدلائلها وتسن زيادة التبكير في هذا اليوم وأجاب أصحابنا عن هذه الروايات بأن معناها أنه صلى الله عليه و سلم كان في غير هذا اليوم يتأخر عن أول طلوع الفجر لحظة إلى أن يأتيه بلال وفي هذا اليوم لم يتأخر لكثرة المناسك فيه فيحتاج إلى المبالغة في التبكير ليتسع الوقت لفعل المناسك والله أعلم وقد يحتج أصحاب أبي حنيفة بهذا الحديث على منع الجمع بين الصلاتين في السفر لأن بن مسعود من ملازمي النبي صلى الله عليه و سلم وقد أخبر أنه ما رآه يجمع الا في هذه المسألة ومذهبنا ومذهب الجمهور جواز الجمع في جميع الاسفار المباحة التي يجوز فيها القصر وقد سبقت المسألة في كتاب الصلاة بأدلتها والجواب عن هذا الحديث أنه مفهوم وهم لا يقولون به ونحن نقول بالمفهوم ولكن اذا عارضه منطوق قدمناه على المفهوم وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة بجواز الجمع ثم هو متروك الظاهر بالإجماع في صلاتي الظهر والعصر بعرفات والله أعلم
(9/37)