( باب جواز تقديم الذبح على الرمى والحلق على الذبح وعلى الرمى )
 
( وتقديم الطواف عليها كلها ) [ 1306 ] قوله ( يا رسول الله لم أشعر فحلقت قبل ان أنحر فقال اذبح ولا حرج ثم جاءه رجل آخر فقال يا رسول الله لم أشعر فنحرت قبل أن أرمى فقال ارم ولا حرج فما سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم
(9/54)

عن شيء قدم ولا أخر الا قال افعل ولا حرج ) وفي رواية فما سمعته سئل يؤمئذ عن أمر مما ينسى المرء ويجهل من تقديم بعض الأمور قبل بعض وأشباهها الا قال رسول الله صلى الله عليه و سلم افعلوا ذلك ولا حرج وفي رواية حلقت قبل أن أرمى قال ارم ولا حرج وفي رواية قيل له في الذبح والحلق والرمى والتقديم والتأخير فقال لا حرج قد سبق في الباب قبله أن أفعال يوم النحر أربعة رمى جمرة العقبة ثم الذبح ثم الحلق ثم طواف الافاضة وأن السنة ترتيبها هكذا فلو خالف وقدم بعضها على بعض جاز ولا فدية عليه لهذه الأحاديث وبهذا قال جماعة من السلف وهو مذهبنا وللشافعي قول ضعيف أنه اذا قدم الحلق على الرمى والطواف لزمه الدم بناء على قوله الضعيف أن الحلق ليس بنسك وبهذا القول هنا قال أبو حنيفة ومالك وعن سعيد بن جبير والحسن البصري والنخعى وقتادة ورواية شاذة عن بن عباس أنه من قدم بعضها على بعض لزمه دم وهم محجوجون بهذه الاحاديث فإن تأولوها على أن المراد نفى الاثم وادعوا أن تأخير بيان الدم يجوز قلنا ظاهر قوله صلى الله عليه و سلم لا حرج أنه لا شيء عليك مطلقا وقد صرح في بعضها بتقديم الحلق على الرمى كما قدمناه وأجمعوا على أنه لو نحر قبل الرمى لا شيء عليه واتفقوا على أنه لا فرق بين العامد والساهي في ذلك في وجوب الفدية وعدمها وإنما يختلفان في الاثم عند من يمنع التقديم والله أعلم قوله صلى الله عليه و سلم اذبح ولا حرج ارم ولا حرج معناه افعل ما بقى عليك وقد أجزأك ما فعلته ولا حرج عليك في التقديم والتأخير قوله ( وقف رسول الله صلى الله عليه و سلم على راحلته فطفق ناس يسألونه ) هذا دليل لجواز القعود على الراحلة للحاجة قوله ( فما سئل الله صلى الله عليه و سلم عن شيء قدم أو أخر ) يعنى من هذه
(9/55)

الأمور الأربعة قوله ( أن النبي صلى الله عليه و سلم بينا هو يخطب يوم النحر فقام إليه رجل ) وفي رواية وقف رسول الله صلى الله عليه و سلم في حجة الوداع بمنى للناس يسألونه فجاء رجل وفي رواية
(9/56)

وقف على راحلته فطفق ناس يسألونه وفي رواية وهو واقف عند الجمرة قال القاضي عياض قال بعضهم الجمع بين هذه الروايات أنه موقف واحد ومعنى خطب علمهم قال القاضي ويحتمل أن ذلك في موضعين أحدهما وقف على راحلته عند الجمرة ولم يقل في هذا خطب وإنما فيه أنه وقف وسئل والثاني بعد صلاة الظهر يوم النحر وقف للخطبة فخطب وهي احدى خطب الحج المشروعة يعلمهم فيما ما بين أيديهم من المناسك هذا كلام القاضي وهذا الاحتمال الثاني هو الصواب وخطب الحج المشروعة عندنا اربع أولها بمكة عند الكعبة في اليوم السابع من ذي الحجة والثانية بنمرة يوم عرفة والثالثة بمنى يوم النحر والرابعة بمنى في الثاني من أيام التشريق وكلها خطبة فردة وبعد صلاة الظهر الا التي بنمرة فإنها خطبتان وقبل صلاة الظهر وبعد
(9/57)

الزوال وقد ذكرت أدلتها كلها من الأحاديث الصحيحة في شرح المهذب والله أعلم