( باب استحباب نزول المحصب يوم النفر )
 
( وصلاة الظهر وما بعدها به ) ذكر مسلم في هذا الباب الأحاديث في نزول النبي صلى الله عليه و سلم بالأبطح يوم النفر وهو المحصب وأن أبا بكر وعمر وبن عمر والخلفاء رضي الله عنهم كانوا يفعلونه وأن عائشة وبن عباس كانا لا ينزلان به ويقولان هو منزل اتفاقي لا مقصود فحصل خلاف بين الصحابة رضي الله عنهم ومذهب الشافعي ومالك والجمهور واستحبابه اقتداء برسول الله صلى الله عليه و سلم والخلفاء الراشدين وغيرهم وأجمعوا على أن من تركه لا شيء عليه ويستحب أن يصلى به الظهر والعصر والمغرب والعشاء ويبيت به بعض الليل أو كله اقتداء برسول الله صلى الله عليه و سلم والمحصب بفتح الحاء والصاد المهملتين والحصبة بفتح الحاء وإسكان الصاد والأبطح والبطحاء وخيف بنى كنانة اسم لشيء واحد وأصل الخيف كلما انحدر عن الجبل وارتفع عن الميل قوله ( يوم الترويه ) هو الثامن من ذي الحجة وسبق بيانه مرات [ 1311 ] قوله ( أسمح لخروجه ) أي أسهل
(9/59)

لخروجه راجعا إلى المدينة [ 1313 ] قوله ( حدثنا قتيبه وأبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب جميعا عن بن عيينة قال زهير حدثنا سفيان بن عيينه عن صالح بن كيسان عن سليمان بن يسار ثم قال قال أبو بكر في رواية صالح قال سمعت سليمان بن يسار ) كذا هو في معظم النسخ ومعناه أن الرواية الأولى وهي رواية قتيبة وزهير قالا فيها عن بن عيينه عن صالح عن سليمان وأما رواية أبي بكر ففيها عن بن عيينة عن صالح قال سمعت سليمان وهذه الرواية أكمل من رواية عن لان السماع يحتج به بالاجماع وفي العنعنة خلاف ضعيف وإن كان قائلها غير مدلس وقد سبقت المسألة ووقع في بعض النسخ قال أبو بكر في رواية صالح وفي بعضها قال أبو بكر في رواية عن صالح قال سمعت
(9/60)

سليمان والصواب الرواية الأولى وكذا نقلها القاضي عن رواية الجمهور وقال هي الصواب قوله ( وكان على ثقل النبي صلى الله عليه و سلم ) هو بفتح الثاء والقاف وهو متاع المسافر وما يحمله على دوابه ومنه قوله تعالى وتحمل أثقالكم [ 1314 ] قوله صلى الله عليه و سلم ( ننزل إن شاء الله غدا بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر ) اما الخيف فسبق بيانه وضبطه وإنما قال النبي صلى الله عليه و سلم إن شاء الله امتثالا لقوله تعالى ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله ومعنى تقاسموا على الكفر تحالفوا وتعاهدوا عليه وهو تحالفهم على إخراج النبي صلى الله عليه و سلم وبنى هاشم وبنى المطلب من مكة إلى هذا الشعب وهو خيف بني كنانة وكتبوا بينهم الصحيفة المشهورة وكتبوا فيها أنواعا من الباطل وقطيعة الرحم والكفر فأرسل الله تعالى عليها الأرضة فأكلت كل ما فيها من كفر وقطيعة رحم وباطل وتركت ما فيها من ذكر الله تعالى فأخبر
(9/61)

جبريل النبي صلى الله عليه و سلم بذلك فأخبر به النبي صلى الله عليه و سلم عمه أبا طالب فجاء اليهم أبو طالب فأخبرهم عن النبي صلى الله عليه و سلم بذلك فوجدوه كما أخبر والقصة مشهورة قال بعض العلماء وكان نزوله صلى الله عليه و سلم هنا شكرا لله تعالى على الظهور بعد الاختفاء وعلى اظهار دين الله تعالى والله أعلم