( باب جواز ركوب البدنة المهداة لمن احتاج اليها )
 
قوله ( ان رسول الله صلى الله عليه و سلم رأى رجلا يسوق بدنة فقال اركبها قال يا رسول الله انها بدنة قال اركبها ويلك في الثانية أو في الثالثة ) وفي الرواية الأخرى ويلك اركبها ويلك اركبها
(9/73)

وفي رواية جابر اركبها بالمعروف اذا ألجئت اليها حتى تجد ظهرا هذا دليل على ركوب البدنة المهداة وفيه مذاهب مذهب الشافعي أنه يركبها اذا احتاج ولا يركبها من غير حاجة وانما يركبها بالمعروف من غير اضرار وبهذا قال بن المنذر وجماعة وهو رواية عن مالك وقال عروة بن الزبير ومالك في الرواية الأخرى وأحمد واسحاق له ركوبها من غير حاجة بحيث لا يضرها وبه قال أهل الظاهر وقال أبو حنيفة لا يركبها إلا أن لا يجد منه بدا وحكى القاضي عن بعض العلماء أنه أوجب ركوبها المطلق لأمر ولمخالفة ما كانت الجاهلية عليه من اكرام البحيرة والسائبة والوصيلة والحامى واهمالها بلا ركوب دليل الجمهور أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أهدى ولم يركب هديه ولم يأمر الناس بركوب الهدايا ودليلنا على عروة وموافقيه رواية جابر المذكورة والله أعلم وأما قوله صلى الله عليه و سلم ( ويلك اركبها ) فهذه الكلمة أصلها لمن وقع في هلكة فقيل لأنه كان محتاجا قد وقع في تعب وجهد وقيل هي كلمة تجرى على اللسان وتستعمل من غير قصد إلى ما وضعت له أولا بل تدعم بها العرب كلامها كقولهم لا أم له لا أب له تربت يداه قاتله الله ما أشجعه وعقرى حلقى وما أشبه ذلك وقد سبقت هذه اللفظة مستوفاة في كتاب الطهارة في تربت يداك قوله ( حدثنا هشيم قال أخبرنا حميد عن ثابت عن أنس قال وأظنني قد سمعته من أنس ) القائل وأظنني قد سمعته من أنس هو حميد ووقع في أكثر النسخ وأظننى بنونين وفي بعضها وأظنى بنون واحدة
(9/74)

وهي لغة قوله ( قال انها بدنه أو هدية فقال وان ) هكذا هو في جميع النسخ وإن فقط أي وإن كانت بدنة والله أعلم