( باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض )
 
[ 1327 ] قوله صلى الله عليه و سلم ( لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت ) فيه دلالة لمن قال
(9/78)

بوجوب طواف الوداع وأنه إذا تركه لزمه دم وهو الصحيح في مذهبنا وبه قال أكثر العلماء منهم الحسن البصري والحكم وحماد والثوري وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق وأبو ثور وقال مالك وداود وبن المنذر هو سنة لا شيء في تركه وعن مجاهد روايتان كالمذهبين [ 1328 ] قوله ( أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض ) هذا دليل لوجوب طواف الوداع على غير الحائض وسقوطه عنها ولا يلزمها دم بتركه هذا مذهب الشافعي ومالك وأبي حنيفة وأحمد والعلماء كافة إلا ما حكاه بن المنذر عن عمر وبن عمر وزيد بن ثابت رضي الله عنهم أنهم أمروها بالمقام لطواف الوداع دليل الجمهور هذا الحديث وحديث صفية المذكور بعده قوله ( فقال بن عباس اما لا فسل فلانة الأنصارية ) هو بكسر الهمزة وفتح اللام وبالإمالة الخفيفة هذا هو الصواب المشهور وقال القاضي ضبطه الطبري والأصيلى أمالي بكسر اللام قال والمعروف في كلام العرب فتحها إلا أن تكون على لغة من يميل قال المازري قال بن الأنباري قولهم افعل هذا أما لا فمعناه أفعله إن كنت لا تفعل غيره فدخلت ما زائدة لأن كما قال الله تعالى فإما ترين
(9/79)

من البشر أحدا فاكتفوا بلا عن الفعل كما تقول العرب إن زارك فزره وإلا فلا هذا ما ذكره القاضي وقال بن الأثير في نهاية الغريب اصل هذه الكلمة ان وما فادغمت النون في الميم وما زائدة في اللفظ لا حكم لها وقد أمالت العرب لا امالة خفيفة قال والعوام يشبعون امالتها فتصير ألفها ياء وهو خطأ ومعناه إن لم تفعل هذا فليكن هذا والله أعلم [ 1211 ] قولها ( صفية بنت حيي ) بضم الحاء وكسرها الضم أشهر وفي حديثها دليل لسقوط طواف الوداع عن الحائض وإن طواف الافاضة ركن لا بد منه وأنه لا يسقط عن الحائض ولا غيرها وأن الحائض تقيم له حتى تطهر فان
(9/80)

ذهبت إلى وطنها قبل طواف الافاضة بقيت محرمة وقد سبق حديث صفية هذا وبيان إحرامه وضبطه ومعناه وفقهه في أوائل كتاب الحج في باب بيان وجوه الاحرام بالحج قوله ( حدثني الحكم بن موسى حدثنا يحيى بن حمزة عن الأوزاعي لعله قال عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن ابراهيم التيمي عن أبي سلمة عن عائشة ) هكذا وقع في معظم النسخ وكذا نقله القاضي عن معظم النسخ قال وسقط عند الطبري قوله لعله قال عن يحيى بن أبي كثير قال وسقط لعله قال فقط لابن الحذاء قال القاضي وأظن أن الاسم كله سقط من كتب بعضهم أوشك فيه فألحقه على المحفوظ الصواب ونبه على الحاقه بقوله لعله قوله ( قالوا يا رسول الله انها قد زارت يوم النحر ) فيه دليل لمذهب الشافعي وأبي حنيفة وأهل العراق أنه لا يكره أن يقال لطواف الافاضة طواف الزيارة وقال مالك يكره وليس للكراهة حجة تعتمد قولها ( تنفر ) بكسر الفاء وضمها الكسر أفصح
(9/81)

وبه جاء القرآن والله أعلم