( باب فضل الحج والعمرة )
 
[ 1349 ] قوله صلى الله عليه و سلم ( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما ) هذا ظاهر في فضيلة العمرة
(9/117)

وأنها مكفرة للخطايا الواقعة بين العمرتين وسبق في كتاب الطهارة بيان هذه الخطايا وبيان الجمع بين هذا الحديث وأحاديث تكفير الوضوء للخطايا وتكفير الصلوات وصوم عرفة وعاشوراء واحتج بعضهم في نصرة مذهب الشافعي والجمهور في استحباب تكرار العمرة في السنة الواحدة مرارا وقال مالك وأكثر أصحابه يكره أن يعتمر في السنة أكثر من عمرة قال القاضي وقال آخرون لا يعتمر في شهر أكثر من عمرة واعلم أن جميع السنة وقت للعمرة فتصح في كل وقت منها إلا في حق من هو متلبس بالحج فلا يصح اعتماره حتى يفرغ من الحج ولا تكره عندنا لغير الحاج في يوم عرفة والأضحى والتشريق وسائر السنة وبهذا قال مالك وأحمد وجماهير العلماء وقال أبو حنيفة تكره في خمسة أيام يوم عرفة والنحر وأيام التشريق وقال أبو يوسف تكره في أربعة أيام وهي عرفة والتشريق واختلف العلماء في وجوب العمرة فمذهب الشافعي والجمهور أنها واجبة وممن قال به عمر وبن عمر وبن عباس وطاوس وعطاء وبن المسيب وسعيد بن جبير والحسن البصرى ومسروق وبن سيرين والشعبي وأبو بردة بن أبي موسى وعبد الله بن شداد والثورى وأحمد وإسحاق وأبو عبيد وداود وقال مالك وأبو حنيفة وأبو ثور هي سنة وليست واجبة وحكى أيضا عن النخعى قوله صلى الله عليه و سلم ( والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ) الأصح الأشهر أن المبرور هو الذي
(9/118)

لا يخالطه إثم مأخوذ من البر وهو الطاعة وقيل هو المقبول ومن علامة القبول أن يرجع خيرا مما كان ولا يعاود المعاصى وقيل هو الذي لا رياء فيه وقيل الذى لا يعقبه معصية وهما داخلان فيما قبلهما ومعنى ليس له جزاء الا الجنة أنه لا يقتصر لصاحبه من الجزاء على تكفير بعض ذنوبه بل لا بد أن يدخل الجنة والله أعلم [ 1350 ] قوله صلى الله عليه و سلم ( من أتى هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمه ) قال القاضي هذا من قوله تعالى فلا رفث ولا فسوق والرفث اسم للفحش من القول وقيل هو الجماع وهذا قول الجمهور في الآية قال الله تعالى أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم يقال رفث ورفث بفتح الفاء وكسرها يرفث ويرفث وبرفث بضم الفاء وكسرها وفتحها ويقال أيضا أرفث بالألف وقيل الرفث التصريح بذكر الجماع قال الأزهرى هي كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة وكان بن عباس يخصصه بما خوطب به النساء قال ومعنى كيوم ولدته أمه أي بغير ذنب وأما الفسوق فالمعصية والله أعلم
(9/119)