( باب جواز الاقامة بمكة للمهاجر منها بعد فراغ الحج )
 
( والعمرة ثلاثة أيام بلا زيادة ) [ 1352 ] قوله صلى الله عليه و سلم ( يقيم المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثا ) وفي الرواية الأخرى مكث
(9/121)

المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثا وفي رواية للمهاجر اقامة ثلاث بعد الصدر بمكة كأنه يقول لا يزيد عليها معنى الحديث أن الذين هاجروا من مكة قبل الفتح إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم حرم عليهم استيطان مكة والاقامة بها ثم أبيح لهم اذا وصلوها بحج أو عمرة أو غيرهما أن يقيموا بعد فراغهم ثلاثة أيام ولا يزيدوا على الثلاثة واستدل أصحابنا وغيرهم بهذا الحديث على أن إقامة ثلاثة ليس لها حكم الاقامة بل صاحبها في حكم المسافر قالوا فاذا نوى المسافر الاقامة في بلد ثلاثة أيام غير يوم الدخول ويوم الخروج جاز له الترخص برخص السفر من القصر والفطر وغيرهما من رخصة ولا يصير له حكم المقيم والمراد بقوله صلى الله عليه و سلم ( يقيم المهاجر بعد قضاء نسكه ثلاثة ) أي بعد رجوعه من منى كما قال في الرواية الاخرى ( بعد الصدر ) أي الصدر من منى وهذا كله قبل طواف الوداع وفي هذا دلالة لأصح الوجهين عند أصحابنا أن طواف الوداع ليس من مناسك الحج بل هو عبادة مستقلة أمر بها من أراد الخروج من مكة لا أنه نسك من مناسك الحج ولهذا لا يؤمر به المكى ومن يقيم بها وموضع الدلالة قوله صلى الله عليه و سلم بعد قضاء نسكه والمراد قبل طواف الوداع كما ذكرنا فإن طواف الوداع لا إقامة بعده ومتى أقام بعده خرج عن كونه طواف الوداع فسماه قبله قاضيا لمناسكه والله أعلم قال القاضي عياض رحمه الله في هذا الحديث حجة لمن منع المهاجر قبل الفتح من المقام بمكة بعد الفتح قال وهو قول الجمهور وأجاز لهم جماعة بعد الفتح مع الاتفاق على وجوب الهجرة عليهم قبل الفتح ووجوب سكنى المدينة لنصرة
(9/122)

النبي صلى الله عليه و سلم ومواساتهم له بأنفسهم وأما غير المهاجر ومن آمن بعد ذلك فيجوز له سكنى أي بلد أراد سواء مكة وغيرها بالاتفاق هذا كلام القاضي قوله صلى الله عليه و سلم ( مكث المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثا ) هكذا هو في أكثر النسخ ثلاثا وفي بعضها ثلاث ووجه المنصوب أن يقدر فيه محذوف أي مكثه المباح أن يمكث ثلاثا والله أعلم