( باب الترغيب في سكنى المدينة )
 
( وفضل الصبر على لأوائها وشدتها ) قوله ( عن يحنس مولى الزبير ) هو بضم المثناة تحت وفتح الحاء المهملة وكسر النون وفتحها وجهان مشهوران والسين مهملة وفي الرواية الأخرى يحنس مولى مصعب بن الزبير هو لأحدهما حقيقة وللآخر مجازا قوله ( ان بن عمر قال لمولاته اقعدى لكاع ) هي بفتح اللام وأما العين فمبنية على الكسر قال أهل اللغة يقال امرأة لكاع ورجل لكع بضم اللام وفتح الكاف ويطلق ذلك على اللئيم وعلى العبد وعلى الغبي الذي لا يهتدى لكلام غيره وعلى الصغير وخاطبها بن عمر بهذا انكارا عليها لا دلالة عليها لكونها ممن ينتمي إليه ويتعلق به وحثها على سكنى المدينة لما فيه من الفضل قال العلماء وفي هذه الأحاديث المذكورة في الباب مع ما سبق وما بعدها دلالات ظاهرة على فضل سكنى المدينة والصبر على شدائدها وضيق العيش فيها وأن هذا الفضل باق مستمر إلى يوم القيامة وقد اختلف العلماء في المجاورة بمكة والمدينة فقال أبو حنيفة وطائفة تكره المجاورة بمكة وقال احمد بن حنبل وطائفة لا تكره المجاورة بمكة بل تستحب وإنما
(9/151)

كرهها من كرهها لأمور منها خوف الملل وقلة الحرمة للانس وخوف ملابسة الذنوب فإن الذنب فيها اقبح منه في غيرها كما أن الحسنة فيها أعظم منها في غيرها واحتج من استحبها بما يحصل فيها من الطاعات التي لاتحصل بغيرها وتضعيف الصلوات والحسنات وغير ذلك والمختار أن المجاورة بهما جميعا مستحبة الا أن يغلب على ظنه الوقوع في المحذورات المذكورة وغيرها وقد جاورتهما خلائق لا يحصون من سلف الأمة وخلفها ممن يقتدى به وينبغى للمجاور الاحتراز من المحذورات وأسبابها والله أعلم
(9/152)