( باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها في النكاح )
 
[ 1408 ] قوله صلى الله عليه و سلم ( لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها ) وفي رواية لا تنكح العمة على بنت الأخ ولا ابنة الأخت على الخالة هذا دليل لمذاهب العلماء كافة أنه يحرم الجمع بين المرأة وعمتها وبينها وبين خالتها سواء كانت عمة وخالة حقيقة وهي أخت الأب وأخت الأم
(9/190)

أو مجازية وهي أخت أبى الأب وأبى الجد وإن علا أو أخت ام الأم وأم الجدة من جهتى الأم والأب وإن علت فكلهن بإجماع العلماء يحرم الجمع بينهما وقالت طائفة من الخوارج والشيعة يجوز واحتجوا بقوله تعالى وأحل لكم ما وراء ذلكم واحتج الجمهور بهذه الأحاديث خصوا بها الآية والصحيح الذي عليه جمهور الأصوليين جواز تخصيص عموم القرآن بخبر الواحد لأنه صلى الله عليه و سلم مبين للناس ما أنزل اليهم من كتاب الله وأما الجمع بينهما في الوطء بملك اليمين كالنكاح فهو حرام عند العلماء كافة وعند الشيعة مباح قالوا ويباح أيضا الجمع بين الأختين بملك اليمين قالوا وقوله تعالى وأن تجمعوا بين الأختين إنما هو في النكاح قال وقال العلماء كافة هو حرام
(9/191)

كالنكاح لعموم قوله تعالى وأن تجمعوا بين الأختين وقولهم انه مختص بالنكاح لا يقبل بل جميع المذكورات في الآية محرمات بالنكاح وبملك اليمين جميعا ومما يدل عليه قوله تعالى والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم فإن معناه أن ملك اليمين يحل وطؤها بملك اليمين لإنكاحها فإن عقد النكاح عليها لا يجوز لسيدها والله أعلم وأما باقي الأقارب كالجمع بين بنتي العم أو بنتي الخالة أو نحوهما فجائز عندنا وعند العلماء كافة الا ما حكاه القاضي عن بعض السلف أنه حرمه دليل الجمهور قوله تعالى وأحل لكم ما وراء ذلكم والله أعلم وأما الجمع بين زوجة الرجل وبنته من غيرها فجائز عندنا وعند مالك وأبي حنيفة والجمهور وقال الحسن وعكرمة وبن أبي ليلى لا يجوز دليل الجمهور قوله تعالى وأحل لكم ما وراء ذلكم وقوله صلى الله عليه و سلم لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها ظاهر في أنه لا فرق بين أن ينكح البنتين معا أو تقدم هذه أو هذه فالجمع بينهما حرام كيف كان وقد جاء في رواية أبي داود وغيره لا تنكح الصغرى على الكبرى ولا الكبرى على الصغرى لكن إن عقد عليهما معا بعقد واحد فنكاحهما باطل وان عقد على أحداهما ثم الأخرى فنكاح الأولى صحيح ونكاح الثانية باطل والله أعلم قوله صلى الله عليه و سلم ( لا يخطب الرجل على خطبة أخيه ولا يسوم على سوم أخيه ) هكذا هو في جميع النسخ ولا يسوم بالواو وهكذا يخطب مرفوع وكلاهما لفظه لفظ الخبر والمراد به النهى وهو أبلغ في النهى لأن خبر الشارع لا يتصور وقوع خلافة والنهى قد تقع مخالفته فكان المعنى عاملوا هذا النهى معاملة الخبر المتحتم وأما حكم الخطبة فسيأتي في بابها قريبا ان شاء الله تعالى وكذلك السوم في كتاب البيع قوله صلى الله عليه و سلم ( ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكتفيء صحفتها ولتنكح فإنما لها ما كتب الله لها ) يجوز في تسأل الرفع والكسر الأول على الخبر الذي يراد به النهى وهو المناسب لقوله صلى الله عليه و سلم قبله لا يخطب ولا يسوم والثاني على النهى الحقيقي ومعنى هذا
(9/192)

الحديث نهى المرأة الأجنبية أن تسأل الزوج طلاق زوجته وأن ينكحها ويصير لها من نفقته ومعروفة ومعاشرته ونحوها ما كان للمطلقة فعبر عن ذلك باكتفاء ما في الصحفة مجازا قال الكسائي وأكفأت الاناء كببته وكفأته وأكفأته أملته والمراد بأختها غيرها سواء كانت أختها من النسب أو أختها في الاسلام أو كافرة