( باب ندب من أراد نكاح امرأة إلى أن ينظر إلى وجهها )
 
( وكفيها قبل خطبتها ) قوله صلى الله عليه و سلم للمتزوج امرأة من الانصار ( أنظرت اليها قال لا قال فاذهب فانظر اليها فإن في أعين الانصار شيئا ) هكذا الرواية شيئا بالهمز وهو واحد الأشياء قيل المراد صغر وقيل زرقة وفي هذا دلالة لجواز ذكر مثل هذا للنصيحة وفيه استحباب النظر إلى وجه من يريد تزوجها وهو مذهبنا ومذهب مالك وأبى حنيفة وسائر الكوفيين وأحمد وجماهير العلماء وحكى القاضي عن قوم كراهته وهذا خطأ مخالف لصريح هذا الحديث ومخالف لاجماع الأمة على جواز النظر للحاجة عند البيع والشراء والشهادة ونحوها ثم انه انما يباح له النظر إلى وجهها وكفيها فقط لأنهما ليسا بعورة ولأنه يستدل بالوجه على الجمال أو ضده وبالكفين على خصوبة البدن أو عدمها هذا مذهبنا ومذهب الأكثرين وقال الأوزاعي ينظر إلى مواضع اللحم وقال داود ينظر إلى جميع بدنها وهذا خطأ ظاهر منابذ لأصول السنة والاجماع ثم مذهبنا ومذهب مالك وأحمد والجمهور أنه لا يشترط في جواز هذا النظر رضاها بل له ذلك في غفلتها ومن غير تقدم إعلام لكن قال مالك أكره نظرة في غفلتها مخافة من وقوع نظرة على عورة وعن مالك رواية ضعيفة أنه لا ينظر اليها إلا بإذنها وهذا ضعيف لأن النبي صلى الله عليه و سلم قد اذن في ذلك مطلقا ولم يشترط استئذانها ولأنها تستحي غالبا من الإذن ولأن في ذلك تغريرا فربما رآها
(9/210)

فلم تعجبه فيتركها فتنكسر وتتأذى ولهذا قال أصحابنا يستحب أن يكون نظره اليها قبل الخطبة حتى ان كرهها تركها من غير ايذاء بخلاف ما اذا تركها بعد الخطبة والله أعلم قال أصحابنا وإذا لم يمكنه النظر استحب له أن يبعث امرأة يثق بها تنظر اليها وتخبره ويكون ذلك قبل الخطبة لما ذكرناه قوله صلى الله عليه و سلم ( كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل ) العرض بضم العين وإسكان الراء هو الجانب والناحية وتنحتون بكسر الحاء أي تقشرون وتقطعون ومعنى هذا الكلام كراهة اكثار المهر بالنسبة إلى حال الزوج