( باب حكم العزل )
 
العزل هو أن يجامع فإذا قارب الانزال نزع وأنزل خارج الفرج وهو مكروه عندنا في كل حال وكل امرأة سواء رضيت أم لا لأنه طريق إلى قطع النسل ولهذا جاء في الحديث الآخر تسميته الوأد الخفى لأنه قطع طريق الولادة كما يقتل المولود بالوأد وأما التحريم فقال أصحابنا لا يحرم في مملوكته ولا في زوجته الأمة سواء رضيتا أم لا لأن عليه ضررا في مملوكته بمصيرها أم ولد وامتناع بيعها وعليه ضرر في زوجته الرقيقة بمصير ولده رقيقا تبعا لأمه وأما زوجته الحرة فإن أذنت فيه لم يحرم وإلا فوجهان أصحهما لا يحرم ثم هذه الأحاديث مع غيرها يجمع بينها بأن ما ورد في النهى محمول على كراهة التنزيه وما ورد في الاذن في ذلك محمول على أنه ليس بحرام وليس
(10/9)

معناه نفى الكراهة هذا مختصر ما يتعلق بالباب من الأحكام والجمع بين الأحاديث وللسلف خلاف كنحو ما ذكرناه من مذهبنا ومن حرمه بغير إذن الزوجة الحرة قال عليها ضرر في العزل فيشترط لجوازه إذنها [ 1438 ] قوله ( غزوة بلمصطلق ) أي بنى المصطلق وهي غزوة المريسيع قال القاضي قال أهل الحديث هذا أولى من رواية موسى بن عقبة أنه كان في غزوة أوطاس قوله ( كرائم العرب ) أي النفيسات منهم قوله ( فطالت علينا العزبة ورغبنا في الفداء ) معناه احتجنا إلى الوطء وخفنا من الحبل فتصير أم ولد يمتنع علينا بيعها وأخذ الفداء فيها فيستنبط منه منع بيع أم الولد وأن هذا كان مشهورا عندهم قوله صلى الله عليه و سلم ( لا عليكم ألا تفعلوا ما كتب الله خلق نسمة هي كائنة إلى يوم القيامة الا ستكون ) معناه ما عليكم ضرر في ترك العزل لان كل نفس قدر الله تعالى خلقها لابد أن يخلقها سواء عزلتم أم لا وما لم بقدر خلقها لا يقع سواء
(10/10)

سواء عزلتم أم لا فلا فائدة في عزلكم فإنه ان كان الله تعالى قدر خلقها سبقكم الماء فلا ينفع حرصكم في منع الخلق وفي هذا الحديث دلالة لمذهب جماهير العلماء أن العرب يجرى عليهم الرق كما يجرى على العجم وأنهم إذا كانوا مشركين وسبوا جاز استرقاقهم لان بنى المصطلق عرب صلبية من
(10/11)

خزاعة وقد استرقوهم ووطئوا سباياهم واستباحوا بيعهن وأخذ فدائهن وبهذا قال مالك والشافعي
(10/12)

في قوله الصحيح الجديد وجمهور العلماء وقال أبو حنيفة والشافعي في قوله القديم لا يجرى عليهم الرق لشرفهم والله اعلم [ 1439 ] ( قوله إن لي جارية ) هي خادمنا وسانيتنا أي التي تسقى لنا شبهها بالبعير في ذلك قوله صلى الله عليه و سلم للذي اخبره بأن له جارية يعزل عنها ( إن شئت ثم أخبره أنها حبلت ) إلى آخره فيه دلالة على الحاق النسب مع العزل لان الماء قد سبق وفيه أنه اذا اعترف بوطء أمته صارت فراشا له وتلحقه أولادها الا أن يدعى الاستبراء وهو مذهبنا ومذهب مالك قوله صلى الله عليه و سلم ( انا عبد الله ورسوله ) معناه هنا أن ما أقول لكم حق فاعتمدوه واستيقنوه فإنه يأتى مثل فلق الصبح
(10/13)