( باب قدر ما تستحقه البكر والثيب )
 
( من إقامة الزوج عندها عقب الزفاف ) [ 1460 ] قوله ( عن سفيان بن محمد بن أبي بكر عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام
(10/42)

عن أبيه عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لما تزوج أم سلمة أقام عندها ثلاثا الخ ) وفي رواية مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عبد الملك بن أبي بكر عن أبي بكر بن عبد الرحمن أن النبي صلى الله عليه و سلم حين تزوج أم سلمة وكذا رواه من رواية سليمان بن بلال مرسلا ورواه بعد هذا من رواية حفص بن غياث متصلا كرواية سفيان قال الدارقطنى قد أرسله عبد الله بن أبي بكر وعبد الرحمن بن حميد كما ذكره مسلم وهذا الذي ذكره الدارقطنى من استدراكه هذا على مسلم فاسد لأن مسلما رحمه الله قد بين اختلاف الرواة في وصله وإرساله ومذهبه ومذهب الفقهاء والأصوليين ومحققي المحدثين أن الحديث اذا روى متصلا ومرسلا حكم بالاتصال ووجب العمل به لأنها زيادة ثقة وهي مقبولة عند الجماهير فلا يصح استدراك الدارقطنى والله أعلم قوله صلى الله عليه و سلم لأم سلمة رضي الله عنها لما تزوجها وأقام عندها ثلاثا ( أنه ليس بك على أهلك هوان إن شئت سبعت لك وإن سبعت لك سبعت لنسائي ) وفي رواية وإن شئت ثلثت ثم درت قالت ثلث وفي رواية دخل عليها فلما أراد أن يخرج أخذت بثوبه فقال رسول الله إن شئت زدتك وحاسبتك للبكر سبع وللثيب ثلاث وفي حديث أنس للبكر سبع وللثيب ثلاث أما قوله صلى الله عليه و سلم ليس بك على أهلك هوان فمعناه لا يلحقك هوان ولا يضيع من حقك شيء بل تأخذينه كاملا ثم بين
(10/43)

صلى الله عليه و سلم
( حقها وأنها مخيرة بين ثلاث بلا قضاء وبين سبع ويقضى لباقي نسائه لأن في الثلاث مزية بعدم القضاء وفي السبع مزية لها بتواليها وكمال الأنس فيها فاختارت الثلاث لكونها لا تقضى وليقرب عودة اليها فإنه يطوف عليهن ليلة ليلة ثم يأتيها ولو أخذت سبعا طاف بعد ذلك عليهن سبعا سبعا فطالت غيبته عنها قال القاضي المراد بأهلك هنا نفسه صلى الله عليه و سلم أي لا أفعل فعلا به هوانك على وفي هذا الحديث استحباب ملاطفة الأهل والعيال وغيرهم وتقريب الحق من فهم المخاطب ليرجع إليه وفيه العدل بين الزوجات وفيه أن حق الزفاف ثابت للمزفوفة وتقدم به على غيرها فإن كانت بكرا كان لها سبع ليال بأيامها بلا قضاء وإن كانت ثيبا كان لها الخياران شاءت سبعا ويقضى السبع لباقي النساء وان شاءت ثلاثا ولا يقضى هذا مذهب الشافعي وموافقيه وهو الذي ثبتت فيه هذه الأحاديث الصحيحة وممن قال به مالك وأحمد واسحاق وأبو ثور وبن جرير وجمهور العلماء وقال أبو حنيفة والحكم وحماد يجب قضاء الجميع في الثيب والبكر واستدلوا بالظواهر الواردة بالعدل بين الزوجات وحجة الشافعي هذه الأحاديث وهي مخصصة للظواهر العامة واختلف العلماء في أن هذا الحق للزوج أو للزوجة الجديدة ومذهبنا ومذهب الجمهور أنه حق لها وقال بعض المالكية حق له على بقية نسائه واختلفوا في اختصاصه بمن له زوجات غير الجديدة قال بن عبد البر جمهور العلماء على أن ذلك حق للمرأة )
(10/44)

بسبب الزفاف سواء كان عنده زوجه أم لا لعموم الحديث اذا تزوج البكر أقام عندها سبعا واذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثا لم يخص من لم يكن له زوجه وقالت طائفة الحديث فيمن له زوجة أو زوجات غير هذه لأن من لا زوجة له فهو مقيم مع هذه كل دهره مؤنس لها متمتع بها مستمتعة به بلا قاطع بخلاف من له زوجات فإنه جعلت هذه الأيام للجديدة تأنيسا لها متصلا لتستقر عشرتها له وتذهب حشمتها ووحشتها منه ويقضى كل واحد منهما لذته من صاحبه ولا ينقطع بالدوران على غيرها ورجح القاضي عياض هذا القول وبه جزم البغوى من أصحابنا في فتاويه فقال انما يثبت هذا الحق للجديدة اذا كان عنده أخرى يبيت عندها فإن لم تكن أخرى أو كان لا يبيت عندها لم يثبت للجديدة حق الزفاف كما لا يلزمه أن يبيت عند زوجاته ابتداء والأول أقوى وهو المختار لعموم الحديث واختلفوا في أن هذا المقام عند البكر والثيب إذا كان له زوجة أخرى واجب أم مستحب فمذهب الشافعي وأصحابه وموافقيهم أنه واجب وهي رواية بن القاسم عن مالك وروى عنه بن عبد الحكم أنه على الاستحباب قوله ( عن أنس قال من السنة أن يقيم عند البكر سبعا ) هذا اللفظ يقتضى رفعة إلى النبي صلى الله عليه و سلم فإذا قال الصحابي السنة كذا أو من السنة كذا فهو في الحكم كقوله قال رسول الله صلى الله عليه و سلم كذا هذا مذهبنا ومذهب المحدثين وجماهير السلف والخلف وجعله بعضهم موقوفا
(10/45)

وليس بشيء قوله ( قال خالد ولو قلت أنه رفعه لصدقت ) وفي الرواية الأخرى لو شئت قلت رفعه إلى النبي صلى الله عليه و سلم معناه أن هذه اللفظه وهي قوله من السنة كذا صريحة في رفعه فلو شئت أن أقولها بناء على الرواية بالمعنى لقلتها ولو قلتها كنت صادقا والله أعلم