( باب الوصية بالنساء )
 
قوله صلى الله عليه و سلم ( ان المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك على طريقة فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها ) العوج ضبطه بعضهم بفتح العين وضبطه بعضهم بكسرها ولعل الفتح أكثر وضبطه الحافظ أبو القاسم بن عساكر وآخرون بالكسر وهو الأرجح على مقتضى ما سننقله عن أهل اللغة ان شاء الله تعالى قال أهل اللغة العوج بالفتح في كل منتصب كالحائط والعود وشبهه وبالكسر ما كان في بساط أو أرض أو معاش أو دين ويقال فلان في دينه عوج بالكسر هذا كلام أهل اللغة قال صاحب المطالع قال أهل اللغة العوج بالفتح في كل شخص وبالكسر فيما ليس بمرئى كالرأى والكلام قال وانفرد عنهم أبو عمرو الشيباني فقال كلاهما بالكسر ومصدرهما بالفتح والضلع بكسر الضاد وفتح اللام وفيه دليل لما يقوله الفقهاء أو بعضهم أن حواء خلقت من ضلع آدم قال الله تعالى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبين النبي صلى الله عليه و سلم أنها خلقت من ضلع وفي هذا الحديث ملاطفة النساء والاحسان اليهن والصبر على عوج أخلاقهن واحتمال ضعف عقولهن وكراهة طلاقهن بلا سبب وأنه لا يطمع بإستقامتها والله أعلم
(10/57)

قوله صلى الله عليه و سلم ( فإذا شهد أمرا فليتكلم بخير او ليسكت واستوصوا بالنساء ) فيه الحث على الرفق بالنساء واحتمالهن كما قدمناه وأنه ينبغي للانسان أن لا يتكلم الا بخير فأما الكلام المباح الذي لا فائدة فيه فيمسك عنه مخافة من انجراره إلى حرام أو مكروه [ 1469 ] قوله صلى الله عليه و سلم ( لا يفرك مؤمن مؤمنة ان كره منها خلقا رضى منها آخر أو قال غيره ) يفرك بفتح الياء والراء واسكان الفاء بينهما قال أهل اللغة فركه بكسر الراء يفركه بفتحها اذا أبغضه والفرك بفتح الفاء وإسكان الراء البغض قال القاضي عياض هذا ليس على النهى قال هو خبر أي لا يقع منه بغض تام لها قال وبغض الرجال للنساء خلاف بغضهن لهم قال ولهذا قال ان كره منها خلقا رضى منها آخر هذا كلام القاضي وهو ضعيف أو غلط بل الصواب أنه نهى أي ينبغى أن لا يبغضها لأنه ان وجد فيها خلقا يكره وجد فيها خلقا مرضيا بأن تكون شرسة الخلق لكنها دينة أو جميلة أو عفيفة أو رفيقة به أو نحو ذلك وهذا الذي ذكرته من أنه نهى يتعين لوجهين أحدهما أن المعروف في الروايات لا يفرك بإسكان الكاف لا برفعها وهذا يتعين فيه النهى ولو روى مرفوعا لكان نهيا
(10/58)

بلفظ الخبر والثاني أنه قد وقع خلافه فبعض الناس يبغض زوجته بغضا شديدا ولو كان خبرا لم يقع خلافه وهذا واقع وما أدري ما حمل القاضي على هذا التفسير [ 1470 ] قوله صلى الله عليه و سلم ( لولا حواء لم تخن أنثى زوجها الدهر ) أي لم تخنه أبدا وحواء بالمد روينا عن بن عباس قال سميت حواء لأنها أم كل حي قيل انها ولدت لآدم اربعين ولدا في عشرين بطنا في كل بطن ذكر وأنثى واختلفوا متى خلقت من ضلع آدم فقيل قبل دخولها الجنة فدخلاها وقيل في الجنة قال القاضي ومعنى هذا الحديث أنها أم بنات آدم فأشبهنها ونزع العرق لما جرى لها في قصة الشجرة مع ابليس فزين لها أكل الشجرة فأغواها فأخبرت آدم بالشجرة فأكل منها قوله صلى الله عليه و سلم ( لولا بنو اسرائيل لم يخبث الطعام ولم يخنز اللحم ) هو بفتح الياء والنون وبكسر النون والماضي منه خنز بكسر النون وفتحها ومصدره الخنز والخنوز وهو اذا تغير وأنتن قال العلماء معناه أن بنى اسرائيل لما أنزل الله عليهم المن والسلوى نهوا عن ادخارهما فادخروا ففسد وأنتن واستمر من ذلك الوقت والله أعلم
(10/59)